آخر الأخباررحنا وشفنا

عودة إلى العصر الذهبي للطواشة في فندق البيت

في طفولتي ذهبت في رحلة مدرسية لزيارة بيت النابودة، الذي يقع في الشارقة التاريخية. بُني البيت في 1845، وتعود ملكيته إلى طواش ثري وصلت داناته إلى أعناق مهراجات الهند وسيدات باريس. يعدّ هذا البيت قصراً بمقاييس ذلك الزمن وندرة المواد. فجدرانه مرجانية، وأعمدته رومانية من الساج، وبواباته مدعمة بأسنة برونزية – تسمى في الهند بوابات الفيل.

لاحظت حينها بيوت مجاورة مغلقة للترميم. وأعادتني رحلتي إلى فندق البيت بعد أعوام طويلة إلى ذات المكان لأسكن في هذه البيوت كأهلها الأثرياء.

تغيرت الشارقة التاريخية كثيراً. سُمّيت “قلب الشارقة“، وهي الآن تجربة تشبه الوثائقيات البريطانية من الثلاثينيات. تم إحياء سوق العرصة – أقدم سوق في الدولة – والحصن والبيوت التراثية التي أصبحت متاحف ومعارض فنية، وفندق راق هو وجهتنا.

مشينا من المواقف في زقاق ضيق انفتح فجأة على رواق تنتشر فيه المقاعد الوثيرة والنباتات الخضراء. يطل على الرواق برجيل دائري هو الوحيد في الدولة.

يتكون الفندق من بيوت عائدة لعائلتي المدفع والمحمود العريقتين، وقد تم ترميمها لتحاكي أثاث ومقتنيات تلك الفترة. يوفّر الفندق الراحة للضيوف مع مراعاة العنصر التاريخي.

رحّب بنا موظف الاستقبال وأجلسنا في باحة، وقدّم لنا شراب اللافندر الفوار. طالعنا العمارة المحيطة بنا، فهي تتشابه مع البيوت العربية عموم في كون الباحة تقع ضمن البناء، وتتميز عنها بأبراج الهواء التي تبث النسيم.

تنقل الغرفة إحساس الثراء في تلك الفترة. سرير وثير ومرتفع من خشب الساج، أرضية جرداء تكسوها سجاجيد من الوبر الأحمر بنقوش تقليدية، وجلسة عربية مرفوعة عن الأرض.

انتقلنا إلى المقهى في بيت عبدالله المحمود لتناول شاي العصرية. جلسنا في الفناء الفسيح في ظل نخلة، وقُدمت لنا صينية تضم الأطايب من شطائر وحلوى وقهوة وشاي. قرب المقهى مجلس المرحوم إبراهيم المدفع. يُعدّ هذا الرجل من الأعلام في دولة الإمارات، والمجلس الآن متحف يعرض سيرة الرجل وأسرته وملامح عن الشارقة قبل اكتشاف النفط.

ولمواصلة الرحلة التاريخية زرنا بيت النابودة – المشار إليه في بداية المقال – لاستذكر أيام الطفولة. والحصن الذي كان مقر الحكومة والشرطة.

تناولنا عشاءنا في المطعم العربي في الفندق، حيث استمتعنا بالوليمة وخصوصاً بسودة الدجاج والمحمرة وطاجن الضأن، الذي يذوب في الفم والغني بالنكهة.

حظيت بنوم عميق واستيقظت مبكراً فقررت التريض في صالة الفندق الرياضية. الصالة حديثة، ومزوّدة بسماعات لاسلكية وآلات من علامة “تكنوجيم”.

الإفطار هنا من قائمة طعام وليس بوفيه، فتلذّذت بالتوست الفرنسي مع مربى المشمش وشريحة لحم الواغيو وسلطة اللفت بالكمأة. قضيت باقي النهار على المسبح وفي غرفة البخار بالسبا، ثم حظيت بجلسة تدليك على طريقة بالي. استرخيت على سرير دافئ ومريح، وأزالت يدا المدلك جميع العقد من عضلاتي. غادرت وفي القلب غصة، لكن مهما طال الرحيل فلابد من العودة إلى البيت.

نصيحة أوقات: ارتد حذاء مريحاً لتتمكن من استكشاف السوق والمعالم التاريخية
الأسعار : تختلف الأسعار باختلاف الشهور، ويحصل المقيمين في الدولة على خصم لغاية % 40
المكان: فندق البيت، قلب الشارقة، المريجة
97165025555+

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights