اسطنبول،‭ ‬كما‭ ‬عاشها‭ ‬السلاطين‭!‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

admin02/27/2018

6٬835 9 دقائق

لطالما تمددنا على الأريكة ونحن نتابع أحدات مسلسل حريم السلطان، بينما مخيلتنا تسافر وحدها إلى ذلك العصر لنجد أنفسنا نعيش وسط تلك الأحداث، وفي نفس الحقبة الزمنية. وفجأة نصحى لنتذكر أننا في العام 2018 وأن زمن السلاطين ولى قديماًّ.

ماذا لو قلت لكِ بأنه يمكنك عيش تجربة حياة السطانة هيام لبضعة أيام، أو قلت لكَ بأنك ستشعر بأنك ذلك السطان الآمر الناهي، ذو العزة والوقار… لا بد وأنكم ستودون في تجربة ذلك!

في الصفحة القادمة نُسلّط الضوء على فندق عجوة سلطان أحمد الذي يأخذ من منطقة السلطان أحمد مقراً له. يُحاكي الفندق بتصاميماته قصور السلاطين العثمانيين الأولين، وهو يُعتبر وجهة عائلية راقية ومثالية بامتياز، وأول فندق إسلامي بخمس نجوم.

فندق عجوة سلطان أحمد

معمارياً، يُعتبر فندق عجوة سلطان أحمد جوهرة فريدة، فالرخام الأبيض الذي يغطي واجهته الأمامية يضفي عليه فخامة لم نتعودها.

موقعه ممتاز، على بعد بضع دقائق من أهم المعالم السياحية في إسطنبول، وعلى الرغم من ذلك، فإن الفندق يقع في شارع هادئ، ليكون ملاذاً مثالياً في قلب العاصمة التركية المفعمة بالحياة، ويضمن لزواره تجربة إقامة لا نظير لها ضمن غرف فاخرة ومصممة على الطراز العثماني.

لا أبالغ إن أخبرتكم بأنني إنبهرت كثيراً بديكور الغرفة، الذي يطغى عليه الطابع العثماني فتجد الخشبيات الداكنة مع اللونان الأخضر الداكن والذهبي اللامع، في حين يتميز السرير ووسائده بالنعومة التي تشعرك وكأنك مستلقي على ريش نعام،تماماً كما كنت لتتوقع من سرير سلطان.

هذا ويوجد بالغرفة كراسي للجلوس وتلفزيون كبير الحجم والعديد من وسائل الراحة التي تُغري المرء لأن يبقى في الغرفة لأطول مما كان ينوي.

لا يمكن تفويت وجبة الفطور الرائعة، فلمطعم زعفران إطلالة بانورامية لأفق اسطنبول ترى منها حتى بحر مرمرة، ويعتبر الفطور فيه متعة غير متناهية.

يُقدم الفطور هنا على الطريقة التركية التقليدية، لكل طاولة على حدة. يوضع على الطاولة فور الوصول طبق كبير يحتوي على العسل والنوتيلا، والدبس والمربى، وعسل ملكة النحل، إلى جانب مختارات من الأجبان، والبندورة المجففة وأنواع عدة من اللحوم المقددة والمرتديلا.

أما للمخبوزات، فيتم تقديم سلّة من السميت التركي الطازج. علاوة على ذلك يتم في الفطور تقديم البيض بحسب الطلب. ولكن الأهم من ذلك كله عند تناول الفطور، هو كأس الشاي التركي، والذي تأخذك كأسه الشفافة إلى إفطار الشارع التركي، ولكن بأرقى المستويات.

لا تكتمل الإجازة في تركيا بدون الحمام التركي التقليدي، ولم يغفل فندق عجوة سلطان أحمد عن هذا الأمر، فالفندق يضم مركز عافية الصحي الذي يضم بركة سباحة داخلية ونادي رياضي وعلاجات تدليك وغرفاً للحمام التركي. ويمكن لكافة ضيوف الفندق استخدام الحمام مجاناً في أوقات مختلفة للنساء والرجال. أما في حال الرغبة بحجز موعد تدليك تركي خاص، فإن ذلك ممكنٌ أيضاً.

يبرع فندق عجوة سلطان أحمد في جمع العناصر الأساسية لأي إقامة فندقية، فغرفه جميلة وساحرة، وموقعه ممتاز في وسط المدينة، وخدمته من أرقى ما يكون، ومنه تطلّ على أفق إسطنبول الساحر.

ولكن الأهم من ذلك كلّه هو السعر، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن أسعار الفندق تعتبر مثالية مقارنة بالإقامة الاستثنائية التي يعيشها المرء هناك… كلّ ذلك يجعل من فندق عجوة سلطان أحمد يستحق نجومه الخمسة بجدارة وبلا مبالغة.

اليوم الأول في اسطنبول

بدأت تجربتنا مع فندق عجوة سلطان أحمد في صالة الإستقبال بفندق اسطنبول الدولي. حيث وجدنا إسمنا على كومبيوتر لوحي، وأرشدنا السائق إلى السيارة التي تنتظرنا في الخارج.

خطفتنا الدهشة حين وصلنا إلى السيارة، فهذه بينتلي… سيارة أحلام الجميع… بسعادة وشغف استقلينا السيارة التي راحت تجوب بنا في شوارع اسطنبول، لنصل إلى فندق عجوة سلطان أحمد. بكل سلاسة، أكملنا إجرءات تسجيل الدخول، وتوجهنا إلى الغرفة، وما أن فتحنا الباب، حتى ارتسمت البسمة على شفاهنا، فهذا تماماً ما كنا نريده. يعكس ديكور الغرف التأثيرات التصميمية والثقافية لما خلّفته الإمبراطوريات المتعاقبة على المدينة وما نسجته فترات الحكم المختلفة من قصص.

استرحت قليلاً على سريري المريح إلا أن الجوع وعشق الطعام التركي بدأ يدغدغ حواسي، وهذا دعاني للتوجه إلى الطابق العلوي من الفندق حيث مطعم زعفران. لم أكثر من الطعام، فاليوم لا يزال في أوله، لذا، كان لا بد لي من الأكل بحذر، على الرغم من المغريات العديدة على قائمة الطعام.

أكلت بنهم، وأسرعت بالخروج من الفندق. أخذت أمشي بإتجاه اليسار، وكلّما ابتعدت، كلّما ازدادت الشوارع اذحاماً وحيوية. وعند أحد المنعطفات اتجهنا يساراً مجدداً، هنا بدأ رأسي يتلتفت يساراً ويميناً، فآذاني تجذب إنتباهنا إلى أصوات الباعة المنتشرين من حولي، و كلٌ منهم يغني على ليلاه!

هنا كنا قد وصلنا إلى قلب اسطنبول السياحي، فهذه الساحة تتوسط كلّ من أياصوفيا، ومسجد السلطان أحمد، والجراند بازار.

جذبتنا رؤية المتاجر إلى التسوق، فمن يزور تركيا لا بد أن يعود محملاً ببعض الملابس الجديدة، فالأسعار هنا مناسبة والخيارات كثيرة. تجولنا في أزقة الجراند بازار واشترينا ما يلزمنا وما لا يلزمنا بتاتاً، وحالفنا الحظ بأن تمكنا من شراء كافة الهدايا خلال هذه الزيارة القصيرة للسوق.

أعدنا حاجياتنا إلى الفندق، وخرجنا مجدداً، ولكن هذه المرة، استقلينا التاكسي إلى منطقة أورتاكوي لنمتع ناظرينا بجمال البوسفور عند المغيب.

ما أن وصلنا حتى ظهر أمامنا البوسفور بمياهه الزرقاء فيما كان جامع أورتاكوي والذي يعود بناؤه إلى العام 1853 قابعاً على البحر مباشرةً.

تستقطب هذه المنطقة سياح اسطنبول فموقعها على البحر وعلى مقربة من القصور والمعالم التاريخية يعطيها طابعاً مميزاً، فيما ترتصف المقاهي على جنب الطريق وفي الأزقة، فاخترنا أحد المقاهي المطلة على البحر مباشرةً، حيث يسكت الكلام وتأتي الراحة مقبلة دون دعوة.

أمضينا وقتنا هنا حتى المساء، وكان الوداع مع جولة لأسواق أورتاكوي ومحلاته الصغيرة المتلاصقة والتي تعرض كافة أنواع التذكارات والهدايا والحلويات وغيرها الكثير، أما أكشاك المطاعم فحدث ولا حرج، ولعل أكثرها جذباً كانت أكشاك البطاطا المحشية بشتى أنواع الخضار والأجبان والتوابل فتناولنا عشاءنا هنا قبل العودة للفندق.

اليوم الثاني في اسطنبول

استيقظت على الشمس تداعب وجنتي من خلال الستائر الذهبية اللون، جهزت لنفسي كوباً من الشاي، لأتسلى به حين أجهز نفسي وبرنامجي لهذا اليوم.

توجهت إلى مطعم زعفران مجدداً، وهناك طلبت طبقاً من البيض المقلي، والذي جاء على طبق أشبه بأطباق الطاجين، إلا أنه كان مطلياً بالفضة ليتواءم مع اللمسة السلطانية التي تطغى على الفندق.

أما على الطاولة، فكان السميت الساخن وزبدة اللوز هما شريكاي خلال هذه الصبحية خفيفة الظل، ولا أخفيكم أن النوتيلا كانت ضيف شرف بين الحين والآخر. ارتشفت الشاي التركي وانطلقت في رحلة لإكتشاف هذه المدينة الرائعة.

كانت قائمتنا لذاك اليوم تضم زيارة أهم معالم اسطنبول التي يسجلها التاريخ فرضاً على من يزورها. كانت البداية مع شارع السلطان أحمد، الذي يحتضن أبرز معالم اسطنبول التاريخية كالجامع الأزرق، وقصر توب كابي، ومتحف آيا صوفيا، وغيرها الكثير ليكون بذلك متحفاً مفتوحاً ينبض بالتاريخ والحضارة، فيما ترتصف المقاهي والمطاعم والأسواق على جنبات الشارع لتجعل منه وجهة سياحية متكاملة.

بدأنا جولتنا في قصر توب كابي الذي تحول إلى متحف كبير يستعرض تاريخ وثقافة الإمبراطورية العثمانية التي استمرت على مدى عصور طويلة، فقد عاش في هذا القصر الكثير من السلاطين مع حاشياتهم وحكموا الإمبراطورية منه. أما كلمة “توب كابي”، فتعني “الباب العالي”، إذ يُعتقد أنه للقصر 13 باباً لم يبقَ منها إلا القليل، وقد سُمي القصر نسبة إلى باب خومايون وهو الباب الرئيسي والذي تم بناؤه في عهد السلطان محمد الفاتح.

دخلنا القصر الشاسع والذي تبلغ مساحته 700 ألف متر مربع، ومن الباب الرئيسي ووصلنا إلى باحة كبيرة فيها حدائق وأشجار جميلة، منها يمكن الدخول عبر أبواب عدة كباب السلام وباب السعادة، للتجول في منصات مختلفة، بدءاً من إحدى غرف السلطان، ووصولاً إلى المطابخ، وغيرها من الغرف واالدواوين المصممة بأبهى التصاميم، والتي تحكي ألف قصة وقصة.

ولعل أبرز غرف توب كابي هي تلك المسماة “غرفة الأمانات المقدسة”، فهي تحتوي على بعض من المقتنيات التي تُنسب إلى الأنبياء والرسل، كسيف النبي صلى اللّه عليه وسلم، وقوسه، وشعرات من لحيته، وبعض أغراضه الشخصية، بالإضافة إلى سيوف الخلفاء الراشدين، وعمامة يوسف عليه السلام، وعصا موسى عليه السلام، ورداء وصندوق فاطمة الزهراء رضي الله عنها وغيرها الكثير من الأمانات المقدسة. وبالإضافة إلى ذلك تتضمن الغرفة أيضاً أمانات خاصة بالكعبة الشريفة كالمفاتيح والأقفال، وغيرها. ولا تقتصر الجولة في القصر على التعرف على التاريخ والتصاميم بل يمتاز القصر أيضاً بإطلالة تخطف الأنفاس على خليج البوسفور وبحر مرمرة وبوغاز ايجي في آن واحد.

قد لا تكفي صفحات لوصف هذا المعلم الرائع ولا ساعات للتجول فيه، إلا أن غنى اسطنبول حثنا على التوجه إلى وجهتنا الثانية وهي متحف آيا صوفيا، والذي تطل قبته شامخة بين أشجار اسطنبول المشرفة على البوسفور.

كنت قد زرت إسطنبول عام 2000، وعلى الرغم من أني زرت متحف آيا صوفيا في السابق إلا أن ذاكرتي تخونني، وكنت لا أزال أتوق لرؤية جدرانه القرمزية المائلة للون الوردي علّها تذكرني بزيارتي الأولى.

من المعروف عن متحف آيا صوفيا أنه قبل أن يتحول إلى مسجد إسلامي عام 1453 كان أحد أشهر الكنائس في المدينة حيث تناقلته القوى التي سيطرت على اسطنبول منذ الأزل، وأنه أول مسجد يصلي فيه السلطان محمد الفاتح صلاة الجمعة بعد فتح القسطنطينية. حوّله مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك إلى متحف يضم المئات من الكنوز الإسلامية والمسيحية التي لا تقدر بثمن. بإمكانك استئجار جهاز المرشد الصوتي للاستماع لمعلومات الدليل السياحي، والذي يشمل لغات عدة، منها العربية.

كان الوقت قد داهمني، والجوع تملكني، لذا توقفت وتناولت الغداء في أحد المطاعم فكان لا بد لي من تجربة الشاورما التركية “الدونر” في عقر دارها.

من هناك، أستقليت التاكسي، وعدت أدراجي إلى الفندق. حيث كان لا بد لي من أن آخذ قسطاً من الراحة، فنهاري كان مضنياً جداً.

قررنا العودة إلى البوسفور الساحر قبل الغروب في هذا اليوم أيضاً، حيث كان لا بد لنا من أن نكحل ناظرينا بجمال القصور العظيمه والقلاع الحجرية الشاهدة على التاريخ، والتي تقف على أطرافه.

أستقلينا اليوم مركباً نسمتع منه بمشاهدة معالم المدينة الطبيعية والهندسية الرائعة، فإن جولة المركب في البوسفور لا تُفوَت.

من على متن المركب الضخم جلست أراقب البحر واسطنبول بكل روعتها من ورائه. مرَ بنا المركب بأجمل معالم المدينة بدءاً من جسر البوسفور الشهير، ومروراً بأجمل المساجد، والقصور والتي سبق وأن رأينا الكثير منها في المسلسلات التركية الشهيرة، حتى أننا مررنا بالقرب من القصر الذي صُوّر فيه مسلسل نور ومهند. رافقتنا طيور النورس طوال الرحلة محلقةً في الأجواء، فحلّقنا معها في عالم الخيال والجمال. فيما نحن في عرض المياه لفت نظري برج على جزيرة صغيرة، قيل إلينا بأن اسمه برج الفتاة.

يتناقل الأتراك قصصاً كثيرة عن هذا البرج، إلا أن أشهرها أنه كان هناك سلطاناً راوده حلم أنه في عيد ميلاد ابنته الثامن عشر ستلدغها أفعى وتودي بحياتها، ولم يجد السلطان وسيلة لحماية ابنته سوى أن يبعدها عن اليابسة، فردم جزءاً من مضيق البوسفور وبنى لها برجاً، ظناً منه بإبعاد احتمال وصول أي أفعى إليها. و في يوم عيد ميلادها الثامن عشر تلقت ابنة السلطان هدية وهي في برجها البحري، كانت عبارة عن سلة مليئة بالفاكهة، ويُقال بأن ثعباناً كان قد تسلل إلى داخل السلّة، ولدغ الفتاة فقتلها، ولشدة الحزن والأسى عليها تم تسمية البرج ببرج الفتاة.

اختتمنا أمسيتنا هذه مع وجبة من السمك المقلي الطازج. والذي تقدمه العديد من مراكب الصيد المنتشرة هناك.

اليوم الثالث في اسطنبول

في آخر يوم في هذه المدينة الرائعة، وقبل الإنطلاق في رحلتي المكوكية، كان لا بد من زيارة معتبرة للحمام التركي، لذا توجهت إلى سبا الفندق لأتمتع بخدمة تدليك وتقشير تركية على الأصول، شعرت فيها أني خسرت كيلوغراماً كاملاً فقط من التقشير!

بعد الراحة التامة هذه، كان موعد الفطور، ومن ثم زيارة أحد أهم معالم اسطنبول التاريخية على الإطلاق، وهو قصر دولما بهتشه. يعتبر هذا القصر رمزاً لحياة السلاطين العثمانية في أبهى وأترف أحوالها.

يشكل القصر تحفة معمارية فائقة الروعة، تمزج ما بين فن الزخرفة الإسلامية والنحت والتصوير، وأسلوب الباروك المعروف بأشكاله المنحنية وأعمدته الطويلة.

كان قصر دولما بهتشه مركزاً للخلافة العثمانية ومنزلاً لستة سلاطين كان آخرهم عبد المجيد الثاني.

يُسمح للزوار بالتجول في أروقة القصر ولكن بعد خلع أحذيتهم، وانتعال أغطية بلاستيكية من شأنها المحافظة على السجاد والأرضيات. والجدير بالذكر أن التصوير داخل القصر ممنوع وكذلك إدخال عربات الأطفال.

كما ذكرنا سابقاً، فإن الأماكن التي تستحق الزيارة في اسطنبول عديدة ومتنوعة ولا يكاد المرء يتذكر مكاناً يروق له حتى تقفز إلى ذهنه عشرات الأماكن الأخرى التي لا تقل جمالاً وسحراً، وإن وزارة السياحة التركية لم تغفل عن ذلك، لذا قامت بتشييد حديقة مينيا تورك، وهي حديقة مصغرة لتركيا.

تضم الحديقة مجسمات الآثار والمباني التاريخية والحديثة في تركيا وتتحدث عن تاريخ هذه الدولة العريق، وتوفر للزوار فرصة التعرّف على ما لم يتسن لهم الوقت لزيارته خلال إقامتهم. لذا قمنا بزيارة الحديقة لنتمكن من رؤية ما لم نتمكن من زيارته ، ونعرف ماذا ستكون جهات زيارتنا المقبلة إلى إسطنبول.

إستراحة قصيرة وفنجان من القهوة التركية ونسمة عليلة برائحة الصنوبر كانت كفيلة بأن تُعيد لنا نشاطنا وتفتح شهيتنا فسارعنا إلى وجهتنا الأخيرة لهذا اليوم.

بعد اختتام يومنا الحافل هذا، توجهنا إلى سوق التوابل المسقوف واشترينا العديد من التوابل والحلويات التركية المشهورة مثل البقلاوة وراحة الحلقوم. الغريب في هذا السوق أن معظم البائعيين يتكلمون العربية بشكل متوسط وذلك بسبب عدد السياح العرب الكبير .

أما وجهتي الأخيرة خلال هذه الرحلة، فكانت وبلا شكّ في شارع الاستقلال في منطقة تقسيم الشهيرة. فهذا الشارع هو الشريان النابض لمدينة اسطنبول، وهو معقل التسوق حيث الحياة والحيوية والحركة لا تنضب ولا تهدأ.

بعد جولة طويلة في المنطقة كان الجوع كان قد قال كلمته أولاً، فتوجهت إلى أحد المطاعم وطلبت ما لذ وطاب من المأكولات التركية بدءاً بطبق اسكندر كباب الذي هو عبارة عن شرائح من لحم الشاورما مع صلصة الطماطم تقدم على رغيف خبز مقلي مع اللبن. ومروراً بالعيران الشهي، وانتهاءً بالحلويات التركية التي لا يمكن مقاومتها أبداً، فطلبت كلّ من الكنافة والأرز بالحليب. وكان لا بد من اختتام الجلسة بفنجان من الشاي التركي على الأصول.

لا شك في أن اسطنبول مدينة الحياة والتاريخ والحاضر والمستقبل وأن لكل ركن فيها ميزة وهوية، ولتستكشفها بالكامل، فإنك حاجة لعمر أو عمرين أو ربما أكثر، لذلك لم يكن وداعنا لعروس البوسفور إلا وعداً بلقاء جديد … أو لقاءات جديدة .