لشبونة عبق التاريخ وصخب ومرح الحياة
ثلاثة أيام من نسج الخيال قضيناها في العاصمة البرتغالية الجميلة، كم تمنينا أن يتوقف الزمن، لنتمكن من قضاء أسبوع أو أكثر لنكتشف كل ما تكتنزه هذه المدينة الرائعة من جمال في شوارعها الضيقة، وبين أبنيتها الملونة.
ليسباوا باللغة البرتغالية أو لشبونة كما نسميها نحن العرب، مدينة تعج بالحركة وتنضح بالحياة في كل زواياها، فعلى الرغم من كثرة السياح إلا أن المرء لا يستطيع أن يُنكر ذلك الشعور الذي ينتابه بأن البرتغاليون يشبهوننا في سماتهم وسلوكهم، فأسلوبهم يتصف بالحميمية والودية، وهم بعيدون عن أقرانهم الأوروبيين الذين قد نجدهم باردين بعض الشيء.
في لشبونه من القلاع، والكاثدرائيات والمباني الأثرية والمتاحف والمعالم العمرانية، العابقة برائحة التاريخ ما يصعب عده، فهي تقدم للسياح من عشاق التاريخ أكثر مما يتمنونه. أما لمحبي الطبيعة، فلا بد من العلم بأن لشبونة شيدت على سبع تلالٍ يقطعها نهر التاجة الكبير، والذي لطالما يظن السياح بأنه المحيط الأطلسي عندما يرونه.
هذا وتوجد في لشبونة خيارات رائعة للمقاهي والمطاعم والتسوق والسهر، ما يجعل من السهل على السائح أن يمزج في زيارته إلى هذه المدينة الجميلة ما بين السياحة التاريخية، والشاطئية، والسهر، والكثير المزيد .
الإقامة في لشبونة في Ritz Four Seasons
تميزت إقامتنا في لشبونة بالفخامة المطلقة، حيث أن خيارنا للإقامة وقع على فندق ريتز – فور سيزونز، والذي يعتبر أفخم وأعرق فنادق العاصمة البرتغالية.
يقع الفندق في ميدان “ماركيز دي بومبال” الشهير بوسط العاصمة والذي يصل بين البلدتين القديمة والحديثة، فإذا نزلت باتجاه النهر ستمر عبر البلدة القديمة وإذا صعدت بالاتجاه الآخر ستمضي نحو البلدة الجديدة . هذا ويتفرع من الميدان أكثر شوارع التسوق فخامةً وهو شارع التحرير، أو ما يُطلق محلي عليه إسم Avenida Da Liberdade وفيه يجد المرء أهم العلامات التجارية الفاخرة، كشانيل وغوتشي، وبالنسياغا وغيرها الكثير.
فندق ريتز – فور سيزونز لشبونة:
يتصف فندق ريتز – فور سيزونز لشبونة بجوه الكلاسيكي الفاخر، الذي يطغى على كافة فنادق فور سيزونز حول العالم، وعلى الرغم من شكل المبنى الخارجي الحديث نوعاً ما، إلا أن التصميم الداخلي للمناطق العامة، والمطاعم، يمزج ما بين الأصالة والحداثة. أما الغرفه، فتأتي واسعة جداً، وبشرفة تطلّ على مناظر لشبونة الجميلة، وميدان ماركيز دي بومبال ويرى النزيل منها قلعة القديس جورج تلوح في الأفق.
منذ أنشئ هذا الفندق في عام 1959 وهو قبلة للفنانين المحليين الذين يعرضون أعمالهم الفنية فيه، ويحتوي الفندق على حوالي 500 تحفة فنية من أروع ما أنتجه الفنانون البرتغاليون، كما أن اللوحات الفنية والمنحوتات البرونزية الرائعة تنتشر في أرجاء الفندق المختلفة.
ويمكن للزوار تحميل تطبيق الفندق، للتعرف أكثر على هذه التحف، والفنانين الذين أبدعوها.
هذا ويضم فندق ريتز-فور سيزونز ر لشبونة، أفضل منتجع صحي في لشبونة على الإطلاق، بحمام سباحة داخلي بطول 18 متراً، والعديد من غرف العلاج والسبا تستخدم منتجات سوداشي العالمية. فضلاً عن صالة اللياقة البدنية التي تمتد على مساحة 700 متر مربع، ومضمار الجري الخارجي، والواقع على سقف الفندق، ما يسمح لممارسي رياضة الجري بالتمتع بأفق لشبونة في مختلف أوقات النهار.
نهايةً لا بد من الإشارة إلى أن النزيل يشعر وكأنه في بيته وبين أصحابه. إذ تنشأ، وبدون أدنى شكّ علاقة صداقة أشبه بالعلاقات العائلية بين العاملين في الفندق وبين النزلاء. فهم يتذكرون تفضيلات النزلاء في المطاعم، وحساسياتهم وما إلى ذلك، فيصبح الموظف في هذا الفندق صديقًا للنزيل يهتم براحته فيشعر هذا الأخير بأنه في ضيافة أصدقائه وليس في فندق.
اليوم الأول في لشبونة:
توجهنا إلى محطة المترو التي تبعد حوالي الخمس دقائق من الفندق، أشترينا تذكرة نهارية، واستقلينا المترو نحو محطة Santa Apolonia ومن هناك انطلقنا نسير في شوارع حي الفاما، أقدم أحياء لشبونة على الإطلاق.
يتميز الحي الجميل هذا بأزقته الضيقة الملتوية وواجهات بيوته المزخرفة باللوحات الخزفية الملونة. وعلى الرغم من أن الحي يقع في وسط المدينة، إلا أن للجولة فيه طابع ريفي بسيطاً، خصوصاً وأنك ترى ربات البيوت وهن تعلقن الغسيل على الأسلاك الممدودة خارج الشبابيك الصغيرة المزدانة بالأزهار.
خلال سيرنا في أزقة الفاما، لم تنتابنا تلك الغربة التي عادةً ما تصاحب السياحة في البلدان الغريبة. لا أدري إن كان ذلك بسبب روح الأندلسيين التي تختبئ في أزقته أو تلك الألفة والحميمية التي تنتشر فيه والتي تُشابه تلك المنتشرة في الحارات القديمة في بلداننا الشرقية. استمرينا في المسير حتى وصلنا إلى أعلى التلة، وبالتحديد إلى قلعة القديس جورج.
بُنيت هذه القلعة بأسوارها الطويلة وأبراجها العديدة على يد العرب، ولا يخفى على السائح الطابع المعماري الأندلسي الذي يطغى عليها، حيث أنها شيدت لأول مرة على يد الأندلسيين لتكون حصن عسكرياً. لا شكّ بأن الملوك البرتغال أضافوا إليها وجددوا معالمها مع الزمن، إلا أنها لا تزال تحتفظ بطابعها الأندلسي.
بما أن التلة التي تقع عليها القلعة هي الأعلى في لشبونة، يرى منها السائح منظراً خلاب للمدينة بأبنيتها الملونة بالأصفر، والوردي، والأزرق ، وجسر فاسكو ديغاما الذي يرتفع فوق نهر التاجة.
استمرينا في التجول في قلب الأحياء المتاخمة للقلعة بدون أن نحدد هدفاً ، حتى وجدنا أنفسنا في شارع “أوغستو”، الذي يُعتبر الشارع الأكثر حيوية في المدينة. تنتشر على طول الشارع محال التذكارات ومتاجر العلامات العالمية، ما يجعله من أهم الشوارع التي يمكن التسوق بها بكل راحة وبأسعار معقولة.
في أحد تفرعات هذا الشارع العديدة رأينا عدداً هائلاً من الناس يقفون في طابور طويل على أحد الأدراج، تبين لنا فيما بعد أنهم ينتظرون لزيارة مصعد سانتا جوستا، وحين سألنا أحد المارة، وكان برتغالي أجابنا ممازحاً : “أنه لطشة لطالب برتغالي تعلم على يد المهندس الفرنسي الذي صنع برج إيفل”.
بحثنا قليلاً في تطبيق غوغل لنعرف إن كانت هذه التجربة تستحق الانتظار في هذا الطابور الطويل. تبين أن هذا المصعد، الذي استُكمل بناؤه عام 1902 ، مستوحىً من برج إيفل، وأنه يقوم برفع الزوار إلى ممر يؤدي إلى أنقاض دير وكنيسة كارمو اللذان دُمرا جزئياً خلال الزلزال الكبير الذي ضرب المدينة عام 1755 كنا نتضور جوع وكان الطابور أطول من أن نصبر عليه، لذا قررنا الانتظار حتى يصغر الطابور، بينما نتناول وجبة خفيفة في مطعم قريب.
تنتشر المطاعم في شارع أوغستو، وترى العاملين فيها ينادون المارة ويدعونهم للجلوس بأعلى صوت. قررنا الجلوس في المطعم ذي صور الأطباق التي أعجبتني أكثر، ولكن ومع الأسف كانت الوجبة وبكل صراحة دون المستوى، وكذلك الخدمة .
وفيما بعد عرفنا من بعض المحليين أن المطاعم في شارع أغوستو من أسوأ مطاعم المدينة، فهي تعمل على اجتذاب السياح فقط، وذلك كون المنطقة سياحية بجدارة.
بعد الفراغ من المطعم، عدنا إلى مصعد سانتا جوستا لنرى إن كان الطابور قد أصبح مقبولاً بعض الشيء إلا أنه كان قد ازداد طولاً. لذا قررنا العودة إلى الفندق لنستريح قبل حلول المساء.
قبل التحرّك من الفندق قررنا أنا وصديقتي ألا نجازف بتناول العشاء خارجاً لذا توجهنا إلى مطعم Varanda الواقع في الطابق الأرضي من الفندق، جلسنا في الشرفة.
قررنا عدم تصفّح القائمة، وإنما طلبنا من النادل أن يفاجئنا بطبق من المقبلات، ووجبتين رئيسيتين برتغاليتين تقليدييتن على ذوقه.
تألف أحد الطبقين الرئيسيين من سمك القدّ الذي تشتهر به البرتغال، أما الطبق الثاني فكان أشبه ببرغر مصنوع من خبز برتغالي مسطّح، وبه شريحة من لحم الستيك، يقدم مع البطاطس المقلية.
نهايةً قدم لنا النادل قطعتين من “باستايل دي ناتا” وهي الحلوى البرتغالية التقليدية.
بما أن الجو كان جميلاً جداً قررنا التوجه إلى قلب المدينة سيراً على الأقدام. بدأنا بالسير بين الأشجار المنتشرة على طول شارع ” Avenida Da Liberdade ” وشيئاً فشيئاً وجدنا أنفسنا عند محطة “أوريينتال” للمترو، والتي تتمتع ببنائها الحديث ذو الطابع المستقبلي الانسيابي. تُعد هذه المحطة حلقة الوصل بين لشبونة القديمة والحديثة.
مقابل المحطة على الجهة الأخرى يقف مبنى المسرح الوطني بتصميمه الجميل، عند ميدان “روسيو” الشهير ، حيث تجد نصب “دوم بدرو” التذكاري، ونافورتا مياه تُطربا المارة بخريرهما.
تجولنا في المناطق القريبة من روسيو، وساقتنا قدمانا إلى حي بايرو آلتو، أو “الحيّ العالي” الذي يشتهر بأجوائه الليلية الصاخبة، حيث تنتشر المقاهي والمطاعم على طول الشارع الضيق الذي يعج بالمارة من الشباب وكبار السن على السواء.
في أحد مقاهي هذا الشارع الجميل قضينا أمسيتنا ونحن نتسامر ونتحدث مع السياح والسكان المحليين، والذين وجدنا فيهم دفء العرب ولطفهم، وأصبحنا وكأننا نعرفهم منذ زمن!
اليوم الثاني في لشبونة
بعد تناول الفطور الشهي في مطعم الفندق، بدأنا بالتوجه نحو وسط المدينة سائرين في شارع ،Avenida Da Liberdade ويا لسعادتنا عندما اكتشفنا سوقاً ممتداً على طول الشارع، فاليوم كان السبت، ويبدو أن اللشبونيين يبيعون مختلف منتجاتهم اليدوية والأنتيكات والتذكارات البرتغالية التقليدية. اشترينا الكثير من الأشياء، لذا عدنا أدراجنا إلى الفندق لنترك مشترياتنا، ونعاود الخروج.
هذه المرة، قررنا استخدام المترو لتوفير الوقت، فتوجهنا إلى منطقة بيليم. ينتصب برج بيليم عند نقطة التقاء الماء باليابسة، وكأنما يسلّم على زوار لشبونة القادمين بالسفن، تمام كتمثال الحرية في نيويورك.
تم إنشاء هذا البرج لإحياء ذكرى البحّار البرتغالي فاسكو دي غاما، الذي كان أوّل أوروبي يبلغ الهند عبر البحر. وليذكر البرتغاليون بأمجاد اكتشافات بلادهم البحرية.
إلا أن البرج الأصلي دُمر كغيره من عوالم لشبونة في زلزال عام 1755 ، وتم بناء برج جديد مماثل وفي الموقع نفسه.
على مقربة من البرج يقع دير جيرونيموس بطابعه القوطي وهندسته الرائعة، والذي يحتضن قبر فاسكو دي غاما، لهذا البرج قصة طريفة تربطه بالحلوى البرتغالية الشهيرة “باستايل دي ناتا”. حيث أن المخبز الواقع بجانب الدير والمعروف اليوم باسم “باستايل دي بيليم” هو أول من صنع هذه الحلوى.
تقول القصة أن راهبات الدير كن تستخدمن بياض البيض في كي الملابس، حيث أن لبياض البيض نفس أثر النشاء خلال الكي. وبما أن كمية صفار البيض الفائضة كانت كبيرة جداً رأت الراهبات أن تستخدمنها، وبذلك اخترعن هذه الحلوى اللذيذة التي تعتمد بشكل أساسي على صفار البيض. ويُقال أن الراهبات أعطين الوصفة السرية للعاملين في هذا المخبز فقط، وللعلم فإن كافة البرتغاليين يقولون بأن طعم “باستايل دي ناتا” في أي مخبز آخر في كافة أنحاء البرتغال لا يُقارن بطعمها في هذا المخبز.
لذا كان لا بد لنا من الاصطفاف في الطابور الطويل أمام المخبز ننتظر دورنا لشراء حبّة من هذه الحلوى مع كوب من القهوة .
بعد الاستراحة القصيرة، بدأنا بالسير بمحاذاة النهر متجهين نحو مركز المدينة وبالتحديد ساحة تييررو دو باكو، والتي تعتبر أكبر ساحة في لشبونة. محلي لا تزال هذه الساحة تُعرف بإسم ساحة القصر، لأنها كانت سابقاً ساحة لقصر ريبيرا، والذي دُمر في زلزال لشبونة عام1755 تضم الساحة الكثير من المقاهي والمطاعم. وعلى الرغم من أن التعب كان قد غلبنا، إلا أننا قررنا عدم الجلوس في أي منها، وذلك خوف من أن تكون تجربتنا كتلك التي عشناها أمس في شارع أغوستو. لذا تصفحنا الانترنت ووجدنا مطعم صغيراً رغبنا في تجربته.
في منطقة Mouraria يقع مطعم Ze Da Mouraria وهو مطعم صغير جداً تديره عائلة بكافة أفرادها يتساعدون في طهي الطعام، والإدارة، وخدمة الزوار.
انتظرنا خارج المطعم لحوالي النصف ساعة لنحصل على طاولة، ومع ذلك اضطررنا لمشاركة الطاولة مع زوج آخر، نظراً لضيق المساحة.
تتزين جدران المطعم بشهادات تقدير من Trip Advisor والعديد من مجلات السياحة المحلية والعالمية، وتعلو أصوات العاميلن فيه وهم ينادون بعضهم البعض مع أصوات الزوار لتبدو”كالحمام المقطوعة ميته” نظرنا إلى قائمة الطعام، فوجدناها مختصرة ولكن متنوعة، فهنالك طبقين من السمك، طبقين من اللحم، وطبق من الدجاج! وقع اختبارنا على طبق شرائح لحم العجل المطهوة بالثوم والليمون،والمقدم مع البطاطس المقلية. وللعلم فإن كافة أطباق المطعم تكفي لشخصين أو حتى ثلاثة، والأسعار والخدمة من أفضل وألطف ما يكون.
استرحنا من التعب والمشي الطويل الذي أضنانا وأضنا قدمينا، وزاد من نشاطنا طبق الكريم كاراميل الذي ختمنا به زيارتنا إلى المطعم، والذي لا بد لكم من تجربته، فالطبق يُقدم والسكر مرشوش على وجهه، ويقوم النادل بإشعال النار لحرق السكر ، فيكون عرض مسلياً لكافة رواد المطعم.
بما أننا كنا قد استعدنا نشاطنا، قررنا العودة إلى الفندق سيراً، وفي الطريق، وبالتحديد في إحدى تفرعات شارع أغوستو صادفنا شيئاً عجيب ،ً وكأنه أعمدة وأقواس ومبنى بلا سقف! بعد السؤال والتحري تبين لنا بأن ما نراه هو بقايا دير وكنيسة كارمو التي دُمرت هي الأخرى بالزلزال. المثير للدهشة هو أن المبنى على حاله، ولم يصبه أي دمار يُذكر، إلا أنه تم إقتلاع السقف تماماً مع الزلزال، ولم يتم إعادة بناء الكنيسة لتظل صرح يذكر البرتغاليين بهذا الزلزال البشع الذي قتل نحو نصف أهل المدينة آنذاك.
وصلنا إلى الفندق كالعائد من المعركة، فأخذنا استراحة مطولة، وغطسنا في النوم حتى أوائل الليل، ولم نشعر كيف مرّ الوقت بتلك السر عة !
جلسنا في شرفة الغرفة نتأمل الشوارع الرائعة والحياة الليلية في لشبونة والتي بدأت تستيقظ هي الأخرى شيئاً فشيئاً.
قبل أن نبدأ برنامجنا المسائي كان لابد من لقمة نسد بها جوعنا ونتحضر لأمسية من التجول بين تلال المدينة وشوارعها الضيقة.
كان أصدقاؤنا المحليون الذين تعرفنا إليهم في الليلة الماضية قد نصحونا بزيارة سوق أطعمة Time out Market والذي يقدم تجارب مذاقية رائعة. لذا استقلينا التاكسي وتوجهنا إلى هناك. يختلف سوق الأطعمة هذا عن غيره من أسواق المطاعم حول العالم، فهو يقدم خيارات أطعمة فاخرة، فغالبية المطاعم أو أكشاك المطاعم فيه مملوكة من قبل طهاة محليين وعالميين حائزين على جوائز ميشلان، لذا، وعلى الرغم من بساطة المكان وتصميمه، إلا أن جودة الطعام فيه ممتازة جداً، لذا عليكم ألا تفوته خلال زيارتكم إلى لشبونة.
اليوم الثالث في لشبونة
استيقظنا عند السادسة صباحاً ، تناولنا فطورنا، واستقلينا سيارة أجرة متجهين إلى مدينة سينترا، والتي تقع على بعد 45 دقيقة من لشبونة.
كانت مدينة سينترا، ولا تزال مصيف للنباء والأغنياء، وهي تُعرف بمدينة القصور البرتغالية، حتى أنها تنضم إلى قائمة “اليونيسكو” لمواقع التراث العالمي.
ما أن وصلنا حتى عرفنا سرّ هذه المدينة، فهي تقع على تلة، وتتمتع بمناخ معتدل ودرجة حرارة أقل بكثير منها في لشبونة، وتنتشر الخضرة في كلّ مكان فيها.
نزلنا في مركز المدينة الذي يعجّ بالزوار والسياح، وتجولنا في شارعها الرئيسي الذي تنتشر فيه المحلات التي تبيع الصناعات المحلية وبالذات منتجات الفلين التي تشتهر بها البرتغال التي تعتبر أكبر منتج للفلين بالعالم. وكذلك تبيع هذه المحال السيراميك والهدايا التذكارية التي تمثل رموزاً برتغالية مثل الديوك والقلاع القديمة والمنحوتات وقطع السيراميك المتنوعة التي تصور حياة السكان هناك على مر العصور.
تفوح من الطراز المعماري في هذه المدينة رائحة الشرق الممزوجة بالغرب، حيث تختلط النكهة العربية والأندلسية بالإرث الأوروبي. تتفرع من مركز المدينة العديد من الشوارع والأزقة التي تقود إلى مختلف مناطق الجذب السياحي فيها.
بدأنا بالصعود، أو بالأحرى بالتسلّق لنصل إلى قصر وحديقة كينتا دا ريغاليرا، Quinta da Regaleira.
خلال تجولنا في حديقة قصر كينتا دا ريغاليرا، شعرنا وكأننا نعيش في إحدى قصص الخيال، فالحديقة مليئة بالمتاهات والسراديب السرية تحت الأرض، كما وفي الحديقة بئر غريب جداً به سلالم وأدراج تؤدي هي الأخرى إلى طرق خفية تأخذ الزائرين إلى مختلف مناحي الحديقة والقصر. يعجز القلم عن التعبير عن روعة هذا المكان الذي لا يمكن للمرء استيعابه إلا بزيارته، ورؤيته بالعين المجرّدة، والسير في سراديبه الخفية.
ما أن فرغنا من زيارة هذا القصر حتى استمرينا في الصعود إلى أعلى التلة لنصل إلى قصر دا بينا.
يجمع هذا القصر الفريد من نوعه أنماط الهندسة المعمارية القوطية والباروكية والمغربية وعصر النهضة. ويختلف عن غيره من القصور حول العالم بألوانه الزاهية التي تتنوع ما بين الأصفر والأحمر والأزرق ليكون أشبه بالقصور التي نجدها في عالم قصص الأطفال الخيالي.
لا تقل هندسة القصر الداخلية روعةً عن هندسته الخارجية، لا سيما وأن أثاثه الفخم يعكس ترف الحياة الأرستقراطية للملوك الذين سكنوه في سالف العصور.
من على شرفة هذا القصر الجميل، تمكنا من رؤية مدينة لشبونة بكاملها، فهو كما ذكرت، يقع على أعلى التلة، ولا يعترض طريقه أي شيء فترى الأفق صافي جداً، حتى أننا تمكننا من رؤية مياه المحيط الأطلسي.
في طريق العودة إلى لشبونة، ومع غروب الشمس التي بدأت تختفي خلف الأشجار والتلال من حولنا أدركنا بأن رحلتنا الرائعة إلى هذا البلد الجميل قد شارفت على الانتهاء، فهذه ستكون آخر أمسية لنا في مدينة عشقناها بسرعة كبيرة، وشعرنا بأننا من أهلها منذ اليوم الأول.
من على شرفة مطعم O Japenos الياباني في فندق ريتز- فور سيزونزالجميل، ومع وجبة عشاء تغنّت بأطايب السوشي والساشيمي والدلال الذي أغدق علينا به فندق ريتز فور سيزونز ودعنا هذه المدينة.
لا أخفيكم أني تمنيت لو أن في استطاعتي البقاء لفترة أطول لأعيش التجربة البرتغالية بحٍق وبكلّ ما فيها من سحر وجمال، ولكن الأمل في العودة إليها قريب كان كفيلاً بمواساتي، هو، والصور الجميلة التي نقشتها في ذاكرتي هذه الرحلة، التي لا أزال أسترجعها وأعيشها سراً كلّما ضاق بي صخب الحياة اليومية وروتين العمل.
نصائح لزوار لشبونة
موقع لشبنوة الجغرافي كأول مدينة على شاطى المحيط الأطلسي يجعل منها مدينة شديدة الرياح، فلا بد لكم من أخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار عند توضيب حقائبكم كون الرحلة إلى مدينة سينترا، والتجول في قصورها وحدائقها يأخذ الكثير من الوقت، فمن الأفضل أن تأخذوا معكم ساندويش أو وجبة خفيفة.
ننصح بالإبتعاد عن تناول الطعام في شارع أغوستو فالطعام والخدمة فيه دون المستوى.
لا بد من أخذ الحيطة والحذر عند التجول في شارع أغوستو والمنطقة المحيطة به، فالكثير هناك يروجون للممنوعات.
ميزانية رحلة السياحة في العاصمة البرتغالية لشبونة
- تذكرة السفر من وإلى دبي 2750 درهم
- الإقامة في الفندق 4200 درهم
- بطاقة المترو لليوم الواحد 15 درهم
- دخول إلى قلعة القديس جورج 35 درهم
- الغداء في شارع أغوستو 200 درهم
- العشاء في تايم آوت ماركت 100 درهم
- الغداء في مطعم Ze Da Mouraria التقليدي 70 درهم
- دخول إلى كينتا دي ريغاليرا 30 درهم
- دخول قصر دابينا 30 درهم
- العشاء في مطعم O Japenos بالفندق 150 درهم
- إجمالي سعر الرحلة التقريبي 7,580 درهم
قد يعجبك:
تقرأون