علّ الشيء الوحيد الذي كنت أعرفه عن البرتغاليين قبل زيارتي هذه لها، هو مهارتهم في لعب كرة القدم، فمن المخضرم رونالدو، إلى المدرّب الشهير خوسيه مورينيو، وزميله مانويل جوزيه. إلا أني وبعد زيارتي القصيرة التي أسردها لكم في هذه الصفحات، اكتشفت جمالاً أخاذاً وبساطةً، وشعباً مبتسماً مضياف وودوداً!
شبهتهم في نفسي بالعرب، وشعرت بأننا العرب لو كنا في أوروبا لكنا بالتأكيد مثلهم تماماً ،فهم يحبون الحياة، ويسهرون حتى أواخر الليل، وابتسامتهم لا تفارق شفاههم، والأهم من كلّ ذلك أنهم قريبون إلى القلب.
في لشبونة ومحيطها أكثر ما يمكن عدّه من القلاع، والكاثدرائيات والمباني الأثرية والمتاحف والمعالم العمرانية العابقة برائحة التاريخ، فهذه المدينة تقدم للسائح عاشق التاريخ أكثر مما يتمناه. أما للسائح محب الطبيعة، فعليه أن يعلم بأن لشبونة شيدت على سبع تلالٍ يقطعها نهر التاجة الكبير، فتنتشر فيها ومن حولها الغابات.
وما أن ابتعدّت 30 دقيقة عن قلب العاصمة حتى تصل إلى سينترا، أهم مصيف في تاريخ البرتغال. علاوة على ذلك، في لشبونة خيارات لا متناهية من المقاهي والمطاعم والتسوق والسهر، فتسمح لزوارها بالمزج بين السياحة التاريخية، والشاطئية، والتسوّق، والسهر، والمزيد الكثير. ثلاثة أيام مرّت كالحلم في كنف لشبونة الجميلة، وددنا لو أنها تطول، فهنا شعرنا فعلاً بأننا في دارنا، وبين أهلنا وأحبابانا!
الإقامة في فنادق تيفولي
كانت إقامتنا في البرتغال فاخرة بكلّ معنى الكلمة، فقد اخترنا الإقامة في سلسلة فنادق ومنتجعات “تيفولي” الشهيرة وذات الخدمة المميزة. يعتبر الفندقين اللذين أقمنا فيهما الوجهتين الأمثل إذا ما أردتم مصادفة كبار الشخصيات والمشاهير من حول العالم، حيث أن سلسلة فنادق ومنتجعات تيفولي هي خيارهم للإقامة في البرتغال. وفعلاً صادفت إقامتنا في لشبونة مع زيارة رئيس الوزراء النمساوي للمدينة، والذي كان مقيم في ذات الفندق.
Tivoli Palacio de Seteais
في مدينة سينترا الجبلية كانت إقامتنا في فندق ” Tivoli Palacio de Seteais ” . يعتبر هذا الفندق، حجر التاج بين فنادق تيفولي، فالمبنى بحدّ ذاته يحاكي القصور القديمة، ويعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر. ينضح مدخل الفندق بالفخامة، أما حديقته وإطلالته فحكاية أخرى. من ناحية يطلّ القصر على وادٍ فسيح وقرى بعيدة تتلألأ عند المساء فتزيد من جمال الإطلالة. أما من الناحية الأخرى فيطلّ على أحد أهم معالم سينترا، ألا وهو قصر بينا الشهير.
يضم الفندق، أو لعل على أن أسميه القصر، ثلاثين غرفة فقط، تم تصميمها وتأثيثها بشكل يتماشى مع طراز المبنى والتاريخ الذي يعود إليه مع إضافة أحدث متطلبات المسافر العصري من وسائل الراحة والترفيه. فتجد الرسومات الجدارية الجميلة، والأسرّة التقليدية ، ما يضفي على الفندق رومانسية من نوع آخر. حافظ الفندق على الكثير من الأثاث الأصلي الذي أُعيد تنجيده مع المحافظة على شكله الأصلي، كما وبه العديد من التماثيل المنتشرة في أرجاءه، والتي تُثبت لنا تاريخه العريق.
يضم الفندق سبا من سلسلة أنانتارا الفاخرة بإسم Anantara SPA Seteais ، يقدم تشكيلة مختارة من العلاجات تستخدم أفخم وأشهر العلامات في مجال التدليك مثل Biologique Recherch و Aroms Natur وهي علامات تشتهر بأنها طبيعية % 100 وخالية من المواد الكيماوية والمركبة.
تعود ملكية القصر اليوم إلى سلسلة فنادق تيفولي، ولكنه في السابق كان مقر إقامة زوجين من هولندا قررا الإقامة في مدينة سينترا الرائعة، وقد أقام فيه مؤخراً الملك الهولندي فيليم ألكساندر وزوجته الملكة ماكسيما، وتركا رسالة في ذات الدفتر الأصلي الذي كان يعود إلى أصحابه الأوائل، والذي كانو يستخدمونه لتوثيق زيارت ضيوفهم. لا شكّ بأن الفندق سيجعلكم تشعرون وكأنكم تعيشون أيام ملكية، ضمن ربوعه الفاخرة جداً.
Tivoli Avenida Liberdade
في العاصمة لشبونة، أقمنا في فندق تيفولي أفينيدا ليبرداد Tivoli Avenida Liberdade والذي يعدّ من أبرز وأفخم فنادق العاصمة لشبونة. كونه يقع على شارع Avenida Da Liberdade فإنه لا يبعد إلا بضعة خطوات من أهم وأفخم متاجر العاصمة البرتغالية، كما وأنه على مقربة من أهم أحياء لشبونة التي تستقطب الزوار والسياح مثل شيادو، و ألفاما، وبرينسيبي ريال، ما يجعل منه الموقع المثالي للإقامة ولإكتشاف جمال المدينة.
يضم الفندق حوض سباحة خارجي، الأمر الذي يعدّ نادراً جداً بين فنادق لشبونة، التي عادةً ما تكون مساحتها صغيرة. هذا ويضم الفندق أيضاً سبا فاخر تابع هو الأخر لعلامة أنانتارا. يقدم خدمة متفوقة وعلاجات متنوعة تساعد على تجديد النشاط والحيوية والتخفيف من الآلام وحدّة التوتر.
تجسّد غرف الفندق الأناقة والبساطة بألوانها التي تتدرّج ما بين الأبيض ودرجات الفضي الفاتح، ما يساعد الضيف على الاسترخاء فور دخوله الغرفة. علاوة على ما سبق، يضم الفندق عدداً من مرافق الترفيه والمطاعم التي تعتبر من أهم المرافق في العاصمة البرتغالية، ويتهافت عليه الزوار من سكان لشبونة، وزوارها من السياح.
خلال إقامتنا جربنا مطعم سيرفيجاريا ليبرداد، والذي يقدم تشكيلة من الوجبات البرتغالية التقليدية، والخيارات الصحية، غالبيتها تعتمد على الأسماك وأجود ثمار البحر التي تشتهر بها البرتغال، وخصوص سمك القدّ.
أما مطعم Seen وشرفته الخارجية، فمن أهم نقاط التقاء شباب لشبونة، فإطلالة الشرفة عند الغروب لا تقارن إلا بتلك التي يمكن رؤيتها من قصر بينا في سينترا، فهي من أعلى شرفات لشبونة، وتوفر مظهراً رائع للمدينة فترى الشمس تغيب، في الوقت الذي تبدأ أضواء الشوارع والمحال تنير الواحد تلو الآخر، والحياة تبدأ تعجّ في مختلف نواحي المدينة. من أصغر التفاصيل إلى أكبرها، يجسّد فندق تيفولي أفينيدا ليبرداد الرقي في الخدمة، والإقامة، والترفيه، وحسن الضيافة، ويعتبر دلياً على دفء وأصالة الثقافة البرتغالية بكلّ ما تحمله من معاني.
اليوم الأول في البرتغال :
استقبلنا في مطار لشبونة فريق عمل فندق ” Tivoli Palacio de Seteais ” وبدأنا نتجه بسيارته شمالاً نحو مدينة سينترا، والتي تبعد عن لشبونة حوالي 30 دقيقة. كلّما ابتعدنا عن المدينة، كلّما ازادت واكتظّت الخضرة من حولنا. بدأنا نصعد وكأننا نتوجه إلى قمة الجبل، وأصبح الطريق ضيق جداً، حتى وصلنا أخيراً. كانت مدينة سينترا، ولا تزال مصيف للنباء والأغنياء، وهي تُعرف بمدينة القصور البرتغالية، حتى أنها مُدرجة في قائمة“اليونيسكو” لمواقع التراث العالمي.
ما أن وصلنا حتى عرفنا سرّ هذا المصيف، فسينترا تقع على تلة وتتمتع بمناخ معتدل ودرجة حرارة أقل بكثير منها في لشبونة، وتنتشر فيها الغابات والأشجار. دخلنا الفندق، وشعرت وكأنني وصلت إلى أحد القصور القديمة لألتقي بأميرة أشرب معها الشاي! فالمدخل، والمبنى والحديقة كلّهم ينضحون بالفخامة.
يعود القصر إلى أواخر القرن الماضي، وقد تم بناؤه ليكون مقراً للسكن، ولكن بفخامة مطلقة وبذخ لا يقارن، سواء أكان من ناحية التفنن في الزخارف على الواجهة الخارجية للقصر، وديكوره الداخلي، أو من ناحية تصميم الحديقة رائعة الجمال المحيطة به.
خلال جولتنا في حديقة قصر كينتا دا ريغاليرا، شعرنا وكأننا نعيش في إحدى قصص الخيال. فالحديقة مليئة بمتاهات وسراديب خفية تحت الأرض، تأخذ الزوار إلى مختلف مناحي الحديقة والقصر. في الحديقة أيضاً بئرغريب جداً، يعرف بإسم بئر التفاني، وهو عبارة عن معرض حلزوني مزود بأدراج تصل حتى أسفله، وبه العديد من الفتحات وكأنها نوافذ.
على الرغم من مرور السنين إلا أن أحداً لم يكتشف سبب بناء هذا البئر الفارغ من الماء! يعجز القلم عن التعبير عن روعة هذا المكان الذي لا يمكن للمرء استيعابه إلا بزيارته ورؤيته، والسير في سراديبه الخفية.
ما أن فرغنا من زيارة هذا القصر حتى توجهنا إلى مركز مدينة سينترا، والذي كان هو الآخر يبعد أقلّ من عشرة دقائق. يعجّ مركز المدينة بالزوار والسياح، وتنتشر فيه وعلى طول الطريق المؤدي إليه المحال التجارية التي تبيع المنتجات التذكارية المحلية وأشهرها الفلين الذي تعتبر البرتغال أكبر منتج له عالمياً.
وكذلك تبيع هذه المحال السيراميك والهدايا التذكارية التي تمثل رموزاً برتغالية، والمنحوتات وقطع السيراميك المتنوعة التي تصور حياة السكان هناك. أما في وسطه، فينتصب قصر سينترا الوطني، والذي كان مقرّ إقامة العديد من حكام البرتغال.
الطراز المعماري في سينترا وقلاعها وقصورها يمزج بين العديد من الثقافات التي مرّت على البرتغال، فتجد فيها لمحات وثقافات مختلفة ومزيج ما بين سحر الشرق ونسيم الغرب، فتختلط النكهة العربية والأندلسية بالإرث الأوروبي. ويعتبر قصر سينترا الوطني شاهداً على كلّ هذه الثقافات، فتاريخه يعود إلى عهد عرب الأندلس، بعد الفتح الأموي لإسبانيا حيث كان مقر إقامة طائفة لشبونة -والتي كانت جزءاً من الطائفة المسلمة الأندلسية التي حكمت المنطقة بين 1022 و 1094 – ومن ثم توالى عليه الحكام وفرض كلّ منهم أسلوب بناء مختلف حتى أصبح القصر مزيج من الطراز الأندلسي، والقوطي، والمانويلي وغيرها. المثير للانتباه في هذا القصر هو المدخنتين الهائلتي الحجم اللتان ترتفعان منه، وما هما إلا مدخنتا المطبخ ليس إلا. ولكن شكلهما الخارجي يعطى شخصية خاصة للقصر. من الداخل تتزين جدران القصر بالرسوم السيراميكية هائلة الحجم، والتي تبهر الزوار. تجوّلنا في أرجاء القصر، وتمتعنا بجمال الهندسة المعمارية التي رأيناها، ومن ثم عدنا أدراجنا إلى قصرنا.
عدنا أدراجنا إلى الفندق، وقررت والدتي الاسترخاء بجلسة تدليك في سبا الفندق ، بينما تجوّلت أنا في حديقة الفندق، واستلقيت بالقرب من حوض السباحة أتمتع بشمس الغروب وجمالها.
للعشاء توجهنا إلى شرفة الفندق المطلّة على الحديقة وعلى حوض السباحة، تناولنا وجبة مميزة من سمك القدّ الذي تشتهر به البرتغال، وتمتعنا بصحبة بعضنا البعض ونحن نتسامر ونتأمل الإطلالة الرائعة والوديان المحيطة بنا، ثم عدنا أدراجنا إلى غرفتنا، نخلد للنوم. فالغد لنا موعد مبكر مع قصر آخر من قصور سينترا.
اليوم الثاني في البرتغال :
بعد تناول الفطور الشهي في مطعم الفندق، نسق فريق خدمة العماء لنا سيارة لتقلّنا إلى أعلى قمة في الجبل، وذلك لأننا رغبنا بزيارة قصر بينا ” Pena”Palace
لا بد من الإشارة بأنه يمكن الوصول إلى القصر مشياً إلا أن الطريق يستغرق ما بين ساعة ونصف والساعتين من المشي، أو بالأحرى التسلّق، وبما أن والدتي ليست من عشاق هذا النوع من المغامرات، كانت السيارة هي حلّنا الوحيد.
ما أن وصلنا حتى كدنا نفرك عيوننا أنا ووالدتي، هل أخذتنا السيارة إلى عالم الخيال أم أننا لا نزال في العالم الطبيعي؟ فهذا القصر لا يشبه أي شيء رأيناه في حياتنا، إنه أشبه بالقصور التي نجدها في عالم قصص الأطفال الخيالي، خصوص بألوانه الزاهية التي تتنوع ما بين الأصفر والأحمر والأزرق. “واوووووو” كان الشيء الوحيد الذي نطقنا به!
يجمع هذا القصر الفريد من نوعه أنماط الهندسة المعمارية القوطية والباروكية والمغربية وعصر النهضة. وتتزين واجهته الخارجية بنقوش متنوعة وأشكال لكائنات من وحي الخيال. يختلف القصر عن غيره من القصور حول العالم بشكله الخارجي المميز، الذي يحاكي القصور في قصص سندريلا والأميرة النائمة وغيرها من القصص الخيالية. لذا، ليس من الغريب أن يعتبره البرتغاليون ثامن أعاجيب الدنيا، وأنه هو الآخر مدرج ضمن لائحة اليونسكو للتراث العالمي.
لا تقل هندسة القصر الداخلية روعةً عن هندسته الخارجية، لا سيما وأن أثاثه الفخم – الذي لا يزال فيه، ومعروض للزوار- يعكس ترف الحياة الأرستقراطية للملوك الذين سكنوه في سالف العصور.
شخصياً وجدت تشابهاً كبيراً بين الطراز المعماري في القصر وساحاته المعددة، وبين الطراز المعماري المغربي، سواء أكان من ناحية النقوش الجدارية، أو حتى من ناحية الساحات التي تتوسطها بركة الماء وتنتشر الجلسات من حولها.
من على شرفة هذا القصر الجميل، تمكنا من رؤية مدينة لشبونة بكاملها، فهو كما ذكرت، يقع على أعلى التلة، ولا يعترض طريقه أي شيء فترى الأفق صافي جداً، حتى أننا تمكننا من رؤية مياه المحيط الأطلسي.
يعتبر هذا القصر تحفة معمارية بحق ومبعث فخر لكل البرتغاليين، ولا أشكّ بأني سأعود لزيارته مجدداً. عند الظهر، تحرّكنا نحو العاصمة، وبالتحديد إلى فندق Tivoli Avenida Liberdade ، وهو تابع لنفس العلامة الفاخرة التي أقمنا فيها في سينترا.
ما أن وصلنا ووضبنا أمتعتنا حتى توجهنا إلى مطعم Cervejaria Liberdade الواقع في الطابق الأرضي من الفندق، والذي يشتهر في لشبونة بأطباقه الشهية والمحضّرة بإتقان. مرّة أخرى اختارت والدتي سمك القدّ بينما اخترت أنا قطعة من الستيك. تناولنا غدائنا بنهم، ومن ثم أخذنا قسطاً من الراحة لنستعدّ لرحلة استكشاف هذه المدينة الجميلة.
بما أنه كان يومنا الأوّل، قررنا أن نستقل باص hop on hop off لنتعرّف إلى المدينة بشكل سريع، قبل أن نحدد المناطق التي نريد أن نزورها ونتعرّف إليها عن كثب.
اكتشفنا أن كافة هذه الباصات تنطلق من ميدان Marques De Pombal الذي يقع عند بداية الشارع الذي نقيم فيه. انطلقنا في مشوارنا على طول شارع Avenida Da Liberdade ويا لسعادتنا عندما اكتشفنا سوقاً ممتداً على طول الشارع، فاليوم كان السبت، ويبدو أن اللشبونيين يبيعون مختلف منتجاتهم اليدوية والأنتيكات والتذكارات البرتغالية التقليدية.
أخذت جولتنا في الباص حوالي الساعة، تعرفنا فيها إلى أهم معالم المدينة، كبرج بيليم، وميدان “روسيو” ، وساحة تييررو دو باكو.
لفت انتباهنا برج بيليم الذي ينتصب عند نقطة التقاء الماء باليابسة، وكأنما يسلّم على زوار لشبونة القادمين بالسفن، تمام كتمثال الحرية في نيويورك.
علمنا بأنه قد تم إنشاء البرج ليذكر البرتغاليون بأمجاد اكتشافات بلادهم البحرية، وقوّة أسطولهم البحري في الماضي، فقد كان بحارهم الشهير فاسكو دي غاما، أوّل أوروبي يبلغ الهند -والتي كان الجزء الغربي منها مستعمرة برتغالية لسنوات عدّة- عبر البحر. مررنا سريعاً بأحد أزقّة حي الفاما الشهير، وقررنا أنه لا بد لنا من زيارته، فهو من أشهر أحياء البرتغال، وتصاميم أبنيته وواجهاتها الملونة كانت رائعة بالفعل.
قبل المغيب تجوّلنا في شارع أغوستو، الذي يُعتبر الشارع الأكثر حيوية في المدينة. تنتشر في شارع أغوستو محال التذكارات ومتاجر العلامات العالمية، ما يجعله من أهم الشوارع التي يمكن التسوق بها بكل راحة وبأسعار معقولة.
تسوقنا في محاله المتعددة، ومن هناك استمرينا سيراً حتى وصلنا إلى ساحة تييررو دو باكو. تعتبر هذه الساحة أكبر ساحة في لشبونة، ولا يزال البرتغاليون يسمون هذه الساحة بساحة القصر، حيث أنها كانت سابقاً ساحة لقصر ريبيرا، والذي دُمر في زلزال لشبونة عام 1755 . تضم الساحة الكثير من المقاهي والمطاعم. وبما أن التعب كان قد غلبنا، قررنا الجلوس في أحدها وتناول العشاء.
استرحنا من التعب والمشي الطويل الذي أضنانا وأضنا قدمينا، وزاد من نشاطنا حلوى باستايل دي بيليم التي تشتهر بها البرتغال، والتي اختتمنا بها يومنا قبل أن نعود أدراجنا إلى الفندق.
اليوم الثالث في البرتغال :
تناولنا فطورنا، وانطلقنا مجدداً نكتشف أرجاء هذه المدينة الرائعة، وكان موعدنا في الصباح مع حي الفاما الشهير. يتميز الحي الجميل هذا بأزقته الضيقة الملتوية وواجهات بيوته المزخرفة باللوحات الخزفية الملونة. وعلى الرغم من أن الحي يقع في وسط المدينة، إلا أن للجولة فيه طابع ريفي بسيطاً، خصوص وأنك ترى ربات البيوت وهن تعلقن الغسيل على الأسلاك الممدودة خارج الشبابيك الصغيرة المزدانة بالأزهار.
خلال سيرنا في أزقة الفاما، لم تنتابنا تلك الغربة التي عادةً ما تصاحب السياحة في البلدان الغريبة. لا أدري إن كان ذلك بسبب روح الأندلسيين التي تختبئ في أزقته أو تلك الألفة والحميمية التي تنتشر فيه والتي تُشابه تلك المنتشرة في الحارات القديمة في بلداننا الشرقية. استمرينا في المسير حتى وصلنا إلى أعلى التلة، وبالتحديد إلى قلعة القديس جورج.
بُنيت هذه القلعة بأسوارها الطويلة وأبراجها العديدة على يد العرب، ولا يخفى على السائح الطابع المعماري الأندلسي الذي يطغى عليها، حيث أنها شيدت لأول مرة على يد الأندلسيين لتكون حصن عسكرياً. لا شكّ بأن الملوك البرتغال أضافوا إليها وجددوا معالمها مع الزمن، إلا أنها لا تزال تحتفظ بطابعها الأندلسي. بما أن التلة التي تقع عليها القلعة هي الأعلى في لشبونة، يرى منها السائح منظراً خلاب للشبونة ونهر التاجة.
استمرينا في التجول في قلب الأحياء المتاخمة للقلعة بدون أن نحدد هدفاً ، غير الاستمتاع بالأجواء الجميلة والإطالات الرائعة. عند النظر في تطبيق جوجل، اكتشفنا بأننا لسنا ببعيدين عن دير وكنيسة كارمو. لذا قررنا المرور بها.
تعدّ الكنسية إحدى أكثر الكنائس غرابة في العالم، فهي اليوم لا تزيد عن كونها أعمدة وأقواس ومبنى با سقف! وذلك لأن ما نراه اليوم ما هو إلا بقايا للمبنى الأصلي الذي دُمّر هو الآخر بالزلزال. المثير للدهشة هو أن المبنى على حاله، ولم يصبه أي دمار يُذكر، إلا أنه تم إقتاع السقف تمام مع الزلزال. لم تقم الحكومة بإعادة بناء الكنيسة لتظل صرح يذكر البرتغاليين بهذا الزلزال البشع الذي قتل نحو نصف أهل المدينة آنذاك.
في فترة ما بعد الظهيرة استرحنا قليلاً عند حوض السباحة ثم توجهت أنا إلى سبا الفندق للخضوع لعلاج تنظيف البشرة وتنقيتها، حيث أن التجوّل لثلاثة أيام في الأجواء الخارجية كان قد أضنى بشرتي، وأتعبها.
بحلول المغيب توجهنا إلى مطعم Seenالواقع في الطابق العلوي من الفندق ، والذي توفر شرفته إطلالة خلابة على أفق لشبونة المزخرف بألوان القرميد الأحمر. بلقمة هنية، وصحبة رائعة وأجواء مميزة استودعنا هذا البلد الرائع الذي أعطانا أكثر مما كنا نتوقع خال هذه الأيام الثاث. لا بد لنا من العودة لاستكشاف المزيد، والتعرّف أكثر إلى كلّ جميل في هذا البلد، الذي يُشعر المرء بأنه في أهله وبين أصحابه وأحبابه.
نصائح لزوار لشبونة
- موقع لشبونة الجغرافي على شاطى المحيط الأطلسي يجعل منها مدينة شديدة الرياح، فا بد لكم من أخذ هذا الموضوع بعن الاعتبار عند توضيب حقائبكم.
- لا بد من تخصيص الوقت الكافي لزيارة سينترا، فهي فعلاً رائعة الجمال وقصورها تستحق الزيارة في سينترا، احصلوا على تذكرة واحدة تخولكم زيارة كافة القصور بدلاً من شراء كلّ تذكرة على حدة.
- ننصح بالإبتعاد عن تناول الطعام في شارع أغوستو فالطعام والخدمة فيه دون المستوى لا تقبل كافة المقاهي والمطاعم بطاقات الإئتمان، لذا لا بد من تصريف كمية كافية من اليورو.
- إذا سنحت لكم الفرصة فلا بد من زيارة أحد المطاعم التي تقدم عروض موسيقى الفادو التقليدية.
- تتطلب كلّ من سينترا ولشبونة الكثير من المشي، للاستمتاع بأروع الإطلالات والمناطق، لذا لا بد من استخدام الأحذية المريحة.
ميزانية الرحلة السياحية للشخص في البرتغال
- تذكرة السفر من وإلى دبي 2750 درهم
- تذكرة السفر من وإلى دبي 2750 درهم
- الإقامة في فندق 1200 Tivoli Palacio de Seteais درهم
- فندق 1650 Tivoli Tivoli Avenida Liberdadeالإقامة في فندق درهم
- بطاقة دخول قصور سينترا 110 درهم
- علاج تدليك 370 Anantara SPA Seteais درهم
- تذكرة باص 80 hop on hop of درهم
- دخول قلعة القديس جورج 40 درهم
- علاج البشرة لدى سبا في سينترا 400 درهم
- العشاء في مطعم Seen بالفندق 450 درهم
- مجموع معدّل وجبات الغداء والعشاء 500 درهم
- إجمالي سعر الرحلة التقريبي 7,550 درهم
تقرأون
3 تعليقات