72 ساعة في

بالي الحقيقية في منتجع سمانفايا

تستغرق الرحلة من مطار بالي الدولي إلى قرية سيدمان في شرق بالي ساعة، قطعناها بالدراجات النارية. مررنا في بداية الطريق بأحياء صناعية تخلو من من الجمال في النصف ساعة الأولى. هذا القسم من الطريق متعب تمر به الشاحنات ويشهد اختناقات مرورية.

عبرنا في منتصف الطريق جسراً يصل ضفتي نهر. يطل الجسر على سد يفيض منه شلال اصطناعي. تحيط بالسد نخلات جوز الهند الباسقة والخضرة الممتزجة بحمرة الأسقف المحلية. توقفنا أخيراً لاستراحة، ولالتقاط الصور طبعا.

خرجنا بعد الجسر عن الطريق الرئيسي إلى طريق فرعية ضيقة ومتعرجة تمر بالقرى الأثرية، وبعض أجزائها على منحدرات تطل على مساحات شاسعة من أشجار الموز وحقول الرز، وفي خلفيتها سلاسل جبلية.

يلوح في الأفق أحياناً جبل أغونغ سيد الجزيرة. إن كنت قد زرت بالي فلابد أنك تعرف أو تسلقت بركان باتور. في العرف التقليدي بالجزيرة باتور أنثى وهي سيدة الجزيرة. لا يصل معظم السياح إلى سفوح هذا البركان الضخم بسبب المسافة. يقع أغونغ في أقصى شرق بالي، ويبعد حوالي 3 ساعات عن دينبسار عاصمة بالي ومطارها الدولي.

اليوم الأول

وصلنا إلى قرية سيدمان الوادعة وتبعنا الطريق حتى منتجع سامانفايا. أوقفنا دراجاتنا النارية ودخلنا منطقة الاستقبال. رحبت بنا الموظفة – وقد أخبرتنا مالكة المنتجع أن جميع موظفيها من القرى المحلية فقط – وقادتنا في جولة لنتعرف إلى المنتجع.

بدأنا بمنطقة المقهى المتصلة بالاستقبال. لمكتب الاستقبال سقف من البامبو لكنه مفتوح بلا جدران. خلفه شرفة المقهى التي تطل على شرفات الرز اللامتناهية، وفي الأفق جبال متصلة. جلسنا في شرفة المقهى لنستمتع بالإطلالة ونستريح وعثاء السفر مع شراب عشبة الليمون المنعش.

للمقهى جلسة خارجية تتصل بحوض سباحة إنفنيتي – ليس الوحيد فهنا أكثر من عشرة مسابح وقد فشلنا في عدها – عند حافة المسبق تبدأ شرفات الرز. بجانبه أرائك ملكية للاسترخاء والاستمتاع بشعاع الشمس واللوحة الفنية التي تتغير دوماً، ترسمها الغيوم ولون السماء بحسب موقع الشمس وساعة النهار.

مررنا بمنطقة المسبح وصولاً إلى طرق متشعبة تقود إلى أكواخ السكن. تنتشر أسقف الأكواخ المصنوعة من القش والبامبو في غابة من الخضرة النضرة والأزهار الاستوائية والشلالات الصغيرة التي تسبح في بركها أسماك ملونة. وتنتشر في تشعبات هذه الطرق أحواض الجاكوزي والسباحة، وأرائك الاسترخاء على طريقة أباطرة الرومان.

وصلنا إلى الغرفة. أرضية خشبية ملساء وشرفة مسقوفة ذات إطلالة. يفصلها عن غرفة النوم باب أكورديون زجاجي يمكن فتحه بالكامل لتنعم بإحساس النوم في حضن الطبيعة. السرير مغلف بستارة بيضاء لإبعاد البعوض. أكسبت الستارة السرير مظهراً أميرياً. الغرفة عموماً ذات إحساس أصيل وأنيق وتتسم بالفخامة رغم بساطة مكوناتها. الحمام آية في الجمال بأحجاره البيضاء وسقف الدش المفتوح.

استمتعنا في اليوم الأول باستكشاف أنحاء المنتجع، فزرنا شرفة اليوغا. تقع الشرفة في الطابق الثاني من كوخ المطعم، لذا لديها إطلالة أوسع بحكم الارتفاع. قررت أن استمتع بهذه الإطلالة في الصبحيات القادمة لأداء تمارين الصباح.

تقافزنا بعدها في حوض السباحة لنستمتع ببرودة الماء ودفء الشمس الذهبية ساعة العصر. زرنا كذلك السبا، وهي آية في الفخامة تحاكي المنتجعات الصحية الراقية في دبي. عمتها أجواء سحرية غامضة حيث كان الوقت غروباً، والضوء الأزرق يفيض من النوافذ ويمتزج مع رقصات لهب الشموع على جدران المكان الخشبية، تعززها روائح البخور التي تبعث على الاسترخاء. فوراً حجزت لنفسي وزوجتي جلسة تدليك زوجية في الغرفة الرئيسية لليوم التالي.

قررنا النوم دون إغلاق باب الأكورديون الزجاجي. أغلقنا على أنفسنا الستائر وأطفأنا الأضواء ونظرنا من سريرنا إلى سماء يضيئها القمر وظلال الأشجار المحيطة، واستمتعنا بموسيقى الطبيعة وصرار الليل حتى غافلنا النوم.

اليوم الثاني

استيقظت في الصباح التالي قبل رنين المنبه. نظرت إلى السماء فإذا هي زرقاء داكنة فيها بصيص من النور، إنه الفجر! لقد أيقطتني زقزقة طيور الصباح وصياح الديكة، لكنه إيقاظ رقيق أسعدني وأنعشني. بقي على موعد الإفطار ساعة ونصف. لبست ملابسي الرياضية وتوجهت إلى شرفة اليوغا للحفاظ على رشاقتي ومتابعة إشراقة النهار وتغير درجات الألوان – اكتسبت هذه الهواية في بالي.

توجهت لتناول الإفطار في مطعم. في شرفة أخرى جلسنا نشاهد الإطلالة من زاوية مختلفة. الإفطار من القائمة وليس بوفيه كما المعتاد في الفنادق الراقية. طلبت وعاء السموذي المكون من حليب جوز الهند وتشكيلة من الفاكهة المخفوقة، يزينها على السطح شرائح الموز والغرانولا.

جلسنا على الشرفة نحتسي القهوة بانتظار مرشدنا. وصل الرجل و بدأنا نزهتنا في صحبته.سرنا على الطرق الإسفلتي الذي يمر بحقول رز. شرح لنا المشرد نظام شرفات الرز– وهو ابتكار من بالي عمره مئات السنين – وكيفية توزيع الأدوار بين سكان القرية، ودورة حياة النبته، وكلها ونحن في أحضان هذه الطبيعة كأننا دخلنا فيلماً وثائقياً ثلاثي الأبعاد.

خرجنا عن الطريق لنبدأ السير في درب بين الأعشاب التي نمت في الفترة بين حصاد الرز والمحصول التالي. سرنا ونحن نتعرف إلى النباتات والحيوانات التي تستوطن هذه البيئة. غريب هذا الإحساس بعيداً عن قرى بالي السياحية. نحن فعلاً في أحضان الطبيعة، في قرية تقليدية، ومع مرشد محلي من أهلها.

وصلنا إلى نهر ضحل عرضة حوالي عشرون متراً. شرح لنا المرشد أن هذا النهر ينبع في قمة جبل أغونغ المهيب. تساءلنا لماذا ضفافه وحجارته سوداء ملساء. فأوضح أن أغونغ ثار في الستينيات وأطلق كميات ضخمة من الحمم والأدخنة، سالت تلك الحمم في مجرى النهر ووصلت إلى النقطة التي وقفنا عندها بل وأبعد. فكرة مخيفة!

عبرنا النهر بمساعدة المرشد وواصلنا السير إلى بين شرفات الرز. المذهل في شرفات الرز انها تمنح الهضاب التي تتربع فوقها منظراً هرمياً وتناقضات في الألوان تجعل الصور رائعة الجمال.

أشار المرشد إلى نبته مثمرة، ثمارها صفراء صغيرة بحجم التوت. تناول واحدة وفتح قشرتها. داخلها بذور وعصارة لزجةـ، تشبه تماماً في الشكل والطعم ثمرة الباشن فروت.

وصلنا إلى معبد هندوسي جميل الهندسة من أحجار مقطوعة بإتقان. أخبرنا المرشد أن حجارة المعبد السوداء جاءت من ضفاف النهر الذي غمرته الحمم البركانية. المعبد مشيد من الجرانيت الأسود الذي لا يضاهيه في الرقي إلا الرخام الأبيض.

تناولنا الغداء في “وارونغ” مطل على شرفات الرز. الوارونغ في الثقافة المحلية متجر تديره العائلة متصل بالمنزل ويبيع المأكولات الخفيفة أو المرطبات أو يقدم وجبات الطعام. عدنا بعد ذلك إلى منتجعنا المريح. وقد تشعر -عزيزنا القارئ- أن هذه الرحلة قصيرة بحكم عدد الأسطر، لكنها استمرت أكثر من أربع ساعات التقطنا خلالها صوراً رائعة تزين الآن صفحات الإنستاغرام.


استحممنا في الغرفة وهرولنا إلى السبا لنلحق موعد جلستنا. استمتعنا بساعة من الدلال أرخت العضبلات المتعبة من مشقة النزهة الطويلة.

بسيقان وأجساد متهدلة عدنا إلى الغرفة لنكمل النوم الذي بدأناه في السبا. أغلقنا ستائر البعوض وغرقنا في نوم بعمق المحيط الهندي. لم أتعب نفسي بتجهيز المنبه هذه المرة.

اليوم الثالث

استيقظت في الوقت المتوقع، مع بصيص الشروق، ومارست تمارين الصباح ثم تناولت نفس الوعاء الذي استمتعت به في اليوم الفائت.

اليوم لدينا جولة على ظهور الدراجات النارية في طرق جبلية متعرجة تمر بالقرى والمعابد والمزارع. أعددنا مثبت التصوير والكاميرا وامتطى اثنان منا دراجة واحدة ليقوم الآخر بتصوير الرحلة -يمكنك مشاهدتها على حسابنا على إنستاغرام – وانطلقنا نحو شلال وفي حقائبنا ملابس السباحة. وصلنا إلى الشلال الذي يسمع هديره من المواقف. يطل على الشلال تمثال ذهبي ضخم. الشلال ذاته بارتفاع ثلاثين متراً وينهمر في بحيرة صغيرة سبحنا فيها ورشننا بعضنا بالماء كالأطفال.جففنا أجسادنا وقدنا الدراجات خلف المرشد الذي قادنا إلى شلال آخر مذهل. هذا الشلال المتدرج عبارة عن شلالات صغيرة بعضها فوق بعض كالشرفات، ينهمر كلٌ منها في بركة صغيرة تطل على مشهد بانورامي للمزارع والقرى المحيطة. قضينا هناك ساعتين نستمتع بالماء البارد والمنظر الخلاب.

عدنا إلى الفندق واستحممنا استعداداً لعشاء مميز. جهزت لنا إدارة المنتجع غرفة خاصة في الطابق الثاني من كوخ منعزل. فرشت المائدة ببتلات الزهور الحمراء والشموع.

جلسنا نترقب الأطباق الاختصاصية التي حضرت لنا. وصل الندل مع صوان من المأكولات الإندونيسية التقليدية. منها الكاري بالبطاطا الحلوة، وأسياخ الدجاج المشوي، وسلطة الباذنجان اليانع، وأسياخ التيمبه – بديل للحوم للنباتيين من الصويا – وجاءت صينية محملة بالصلصات اللذيذة، منها السمبل – ليس حاراً لأنه للسياح – وصلصة الفول السوداني. تناولنا عشاءنا بفرح ولذة، واستمتعنا بعده بالحديث على ضوء الشموع مع إطلالة ليلية غامضة يضيئها القمر.

تكلفة الرحلة

  • التأشيرة حوالي 1,200 درهم -تم إلغاء التأشيرة المجانية عن الوصول بعد تصنيف كوفيد19 جائحة عالمية
  • رحلة الطائرة من دبي إلى جاكرتا حوالي 2,000 درهم
  • رحلة الطائرة من جاكرتا إلى بالي حوالي 300 درهم
  • استئجار سكوتر (دراجة نارية صغيرة سهلة القيادة) حوالي 100 درهم لمدة ثلاثة أيام، ويمكنك استئجار سيارة أو طلب خدمة التوصل من وإلى المطار من المنتجع
  • الإقامة في الفندق شاملة الإفطار حوالي 400 درهم في الليلة
  • جلسة علاجية في السبا حوالي 100 درهم للشخص
  • ميزانية الوجبات والجولات السياحية حوالي 500 درهم للشخص
  • ميزانية الرحلة حوالي 4,600 درهم للشخص

 

نصائح أوقات

  • حذاء رياضي مقاوم للبلل مفيد جداً في هذه الرحلة
  • تذكر أن تدهن وجهك بمرهم الوقاية من الشمس فشمس بالي الدافئة مخادعة وتسبب حروق الشمس بسرعة
  • ادهن المناطق المكشوفة من جسمك بمرهم طارد للبعوض قبل النزهات وفي المساء
  • الحجز المباشر من خلال التواصل مع المنتجع يضمن لك أفضل سعر متاح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights