جزر السيشل، مكان لاتصفه كلمات ولا يرسمه خيال

admin09/12/2020

1٬240 6 دقائق

كنت قد سمعت كثيراً عن جزر السيشل كوجهة مميزة لسياحة الجزر، لذا كنت أتوقع رحلة مميزة من دون شك! لكن ما لم أتوقعه أبداً هو ذلك الذهول المتكرر الذي راح ينتابني في كل مرة تلتقط فيها عيناي مشهداً جديداً، وهو ذهول لازمني منذ اللحظة التي وطأت فيها قدماي أرض هذه البلاد الطيبة حتى لحظة مغادرتها.

كانت الرحلة بضيافة فنادق هيلتون، وقد انطلقت من دبي في الصباح الباكر في رحلة جوية وحلقنا لحوالي الأربع ساعات ونصف فقط! ولعل هذه الميزة الأولى التي لفتتنا، فالوجهة قريبة والوصول إليها سهل. وما أن هبطت الطائرة ونزلت منها حتى شعرت بطاقة إيجابية تغمرني. كيف لا وقد أحاط بِنَا المحيط من جهة والجبال الخضراء من جهة! مطار فيكتوريا الصغير أشبه بمحطة منه بمطار دولي. إلا أنه انعكاس لحال البلد، فالسيشل تضم أصغر عاصمة في العالم، أما عدد السكان فحوالي 92ألف نسمة فقط!

في طريقنا للفندق وبينما رحنا نتأمل المشاهد الرائعة الطبيعة، بين جبال وبحر، رحنا نسأل السائق عن البلد، وعاداتها، وطبيعتها. علمنا أن البلد حديثة نسبياً وقد نشأت في القرن السادس عشر فقط ولم تكن مأهولة قبل ذلك.

جزيرة ماهي

أما شعبها فمن أصول متعددة من أفريقيا، وآسيا وأوروبا، وجميعهم يتكلمون ثلاث لغات هي الفرنسية والإنكليزية والكريول أو ما يُعرف أيضاً بالسيشلوا. جغرافياً، تتألف البلد من 115 جزيرة، أكبرها ماهي حيث تقع العاصمة فيكتوريا.

فندق هيلتون نورثولم

بعد حوالي 20 دقيقة، وصلنا إلى فندق هيلتون نورثولم في جزيرة ماهي. وبعد استراحة قصيرة في ردهة الاستقبال، ذهبنا مع طاقم العمل في جولة للتعريف بالفندق. هنا كل شيء جميل والطبيعة الرائعة التي تحيط بالمكان تمجد الخالق بروعتها وجمالها.

استلمنا غرفنا وهي فلل تم إطلاقها مؤخراً في الفندق مع إطلالة رائعة على المحيط. تتميز هذه الفلل بخصوصية تامة، فهي تضمن شرفة خارجية رائعة تتميز بديكورات شرفة الفيلا في هيلتون لا بريز خشبية وأسرة للاسترخاء بعضها داخل حوض السباحة والذي بدوره يطل على المحيط. أما في الداخل فالدفء والفخامة يعمان المكان، بدءاً من الحمام الواسع مع الجاكوزي، ووصولاً إلى السرير الكبير وغرفة الجلوس الرحبة! كان بإمكاني تمضية يومياً كاملاً في الغرفة بين التأمل والاسترخاء، إلا أن موعد العشاء قد حان، فتوجهت للقاء الزملاء في مطعم Ocean View . كمعظم مرافق المنتجع، يتميز المطعم بديكوره الخشبي، وبواجهته المفتوحة ذات الإطلالة الرائعه. وعلى أنغام الموسيقى الحية لفرقة محلية تناولنا عشاءً شهياً من خيرات البلد، ونمنا بعدها مباشرة لنستعد ليومنا الأول.

اليوم الأول في جزر السيشل

استيقظنا باكراً وتوجهنا إلى مطعم Hilltop الذي يقدم الفطور يومي مع خيارات كبيرة من المخبوزات والمربيات واللحوم الباردة والبيض وطبعاً ركن خاص بأنواع الفاكهة المحلية من المانغو والبابايا والباشن فروت وغيرها. بعدها كان السائق بانتظارنا لنذهب إلى سوق فيكتوريا، حيث يتجمهر التجار على أكشاكهم ليبيعوا ما استيسر لهم من الأسماك والفاكهة الاستوائية، والتوابل المحلية الغنية، وبعض الهدايا التذكارية التي لونت منصاتهم ببساطتها. تمشينا في السوق الصغير لبعض الوقت، وقد كانت لنا محطة في المعبد الهندوسي المميز في تصميمه، وتبضعنا القليل من التوابل والهدايا قبل أن نعود إلى السيارة.

من هناك ذهبنا في جولة استكشافية للجزيرة، فكانت لنا محطة في Venn’s Town أو ما يُعرف بمنطقة Mission التي كانت مخصصة لتربية أطفال العبيد المحررين، إلا أن المكان الآن مهجور الآن. تقع هذه المنطقة على أعلى أحد الجبال وبها الكثير من النباتات والأشجار الرائعة ومكان مطلُ على البحر لقليل من التأمل والاسترخاء. كان لنا محطة أخرى من المناظر الرائعة في أحد أجمل المواقع المطلة على البحر وبعض الجزر المجاورة وأبرزها جزيرة Eden الاصطناعية. وعلى الرغم من تعرج الطرقات كانت المشاهد التي رأيناها تسستحق العناء فهي ستُخزن في ذاكرتنا لمدىً طويل وستبعث فينا شيئاً من الراحة بمجرد استذكارها.

وبعد هذه الرحلة، كان لا بد لنا من استراحة، فذهبنا إلى فندق دبل تري باي هيلتون حيث تناولنا وجبة غذاء شهية في مطعم .Les Palmes لفتنا الفندق ببساطته وديكوره المريح، بالإضافة إلى شرفته العامة التي تضم حوض سباحة وشاطئ فيروزي هادئ. بعد ذلك ذهبنا إلى حديقة Jardin Du Roi حيث تجولنا فيها لبعض الوقت بين أشجارها ونباتاتها الغريبة وحتى بعض الحيوانات الأليفة كالببغاء، والأرانب، والوطاويط، والسلاحف العملاقة الجميلة! كانت رحلة استكشافية بامتياز تعلمنا فيها الكثير عن الطبيعة في البلد فأحببناها أكثر. أما اللافت فهو عدم وجود أي من الحيوانات الكبيرة والمفترسة على الإطلاق في هذا البلد على عكس ما توقعنا. إن حلم كل من يزور فنلندا أن يتمكّن من مشاهدة.

ولتكتمل هذه التجربة السيشيلية الأصيلة، كان عشاؤنا في مطعم Boat House الذي يقدم بوفيه غني من المأكولات المحلية الشهية والتي أعجبتنا كثيراُ بدءاُ من سلطات المانغو والبابايا والباذنجان، ووصولاً إلى كاري السمك، وسمك المارلين المشوي بالتوابل والحلويات المصنوعة بالموز وجوز الهند.

اليوم الثاني في جزر السيشل

استيقظنا باكراً وتناولنا الفطور الشهي، ثم ذهبنا إلى المرفأ لنستقل القارب إلى جزيرة سيلويت، ثالث أكبر جزيرة في السيشل. لا تضم الجزيرة إلا منتجعا واحداً وهو هيلتون لابريز، حيث كانت محطتنا التالية بعد رحلة بحرية دامت حوالي 50 دقيقة.

وبعد كل الجمال الذي شهدناه في ماهي لم نكن نتوقع أن يكون هناك جمالاً يضاهيه إلا أننا هنا احترنا في الاختيار أيهما أروع! يقع المنتجع على مسافة واسعة من الجزيرة وهو مناسب للعائلات والأصدقاء على حد سواء، ففيه مرافق للأطفال أيضاً .

الطبيعة هنا مختلفة نوعاً ما عن ماهي لكنها بنفس الروعة، أما المطاعم ومراكز الترفيه فمتعددة لتلبية كافة الأذواق والأعمار. نزلنا في إحدى الفلل الفاخرة المطلة على البحر وذات حوض سباحة خاص، مع إمكانية الوصول إلى الشاطئ من خلالها. هنا كنا كأننا في حلم، أو في عالم آخر، فمع أشجار والنباتات من جهة والمياه الفيروزية من جهة أخرى تحتضنك غرفة ملكية واسعة بديكور خشبي دافئ، وشرفة غاية في الجمال.

بدأت تجربتنا بغذاء رائع في مطعم مجاور لحوض السباحة، قبل أن ننتقل إلى مركز الرياضات البحرية. هنا استلمنا معدات الغوص، ثم ذهبنا إلى القارب حيث انتقلنا برحلة لحوالي الربع ساعة إلى مكان مناسب للغوص السطحي أو الغطس. أمضينا في

الماء حوالي الساعة والنصف دون أن نشعر بمرورها فقد جذبنا هذا العالم التحتمائي إليه بأشكال أسماكه وألوانها الغريبة وشعبه المرجانية، فكانت تجربة تفوق الخيال.

استغلينا ما تبقى من اليوم لبعض الاسترخاء في الغرفة وعلى حوض السباحة والشاطىء ثم ذهبنا إلى مطعم بورتوبيلو الإيطالي لنختتم يومنا كما بدأناه بتجربة مذاقية متميزة.

اليوم الثالث في جزر السيشل

بدأ اليوم بالفطور في مطعم دوربان المطل على الشاطئ، والذي يقدم بوفيه غني من أشهى ما يكون من المأكولات المتنوعة والفاكهة الطازجة. بعدها قمنا برحلة مشي في أرجاء الجزيرة لاستكشاف شواطئها وطبيعتها الخلابة والتي تأسر الألباب بكل ما للكلمة من معنى. في طريقنا أخبرنا مرافقنا أن هذه الجزيرة كانت مملوكة لعائلة دوربان الفرنسية، والتي أصبحت إنجليزية

بعد ذلك قبل أن تستلمها الدولة، وحالي لا يسكنها إلا حوالي 130 شخصاً معظمهم يعملون في المنتجع أو في مجال الحفاظ على البيئة.وبعد هذه الجولة كانت محطتنا التالية في مطعم Grann Kaz وهو بيت خشبي قديم كان لعائلة دوربان وفيه بعض الصور والمعلومات عن تاريخ العائلة على الجزيرة. تمكنا من الحصول على حصة لنتعلم طهي المأكولات المحلية ومن ثم تناولها، وقد كان الطبق الرئيسي لحم الأخطبوط مع التوابل المحلية وحليب جوز الهند. وتجدر الإشارة إلى أن الأكل المحلي كان فعلاً رائع على الرغم من أننا توقعنا أنه قد يكون شديد الحدة إلا أن حديته كانت مقبولة ونكهته شهية.

عاد زملائي إلى غرفهم للاستراحة أما أنا فلم أتمكن من مقاومة الشاطئ الفيروزي المجاور فجلست فيه أتأمل جمال وروعة المنظر قبل أن أعود فاستريح على الشاطئ أمام الفي ا في المنتجع للمرة الأخيرة.

بعد الظهر توجهت إلى السبا المبني وسط الأشجار الشامخة على الصخور الملساء التي تتميز بها الجزيرة والتي تُركت كما هي في أرضية المكان. وقبل الذهاب إلى غرفة العلاج استرحت لبعض الوقت في الجاكوزي الخارجي، وعندما حان الموعد نادتني المعالجة وتوجهنا إلى الجناح الواسع لأحصل على تدليك بالينيزي متقن. اختتمنا هذه الرحلة في عشاء مميز في مطعم ساكورا الآسيوي بجلسته الخارجية لنستمتع بالطبيعة حتى اللحظة الأخيرة.

إن أقل ما يُقال عن هذه الرحلة أنها أكثر من خيال وأجمل من حلم، فضيافة فنادق هيلتون، وجمال البلد وابتسامات شعبها النابعة من القلب وترحابهم تكاملت لتصنع لنا شعوراً من الحب والسعادة جعلنا نعد أنفسنا أن نعود إلى هنا مجدداً

نصائح لزوار السيشل

لا بد من تبديل العملة قبل الذهاب إلى السوق فهم يتعاملون بروبي السيشل فقط، ومن السهل إيجاد أماكن للصرافة في المدينة .
لا تبدلوا إلا حاجتكم من المال فسيصعب إعادة تبديل الأموال في دبي.
اشروا كل ما تحاجونه من التوابل والهدايا من السوق فهو المكان الوحيد للتبضع في البلد، وكل ما ستجدونه في المطار أو الفندق أغلى بكثير.
حاولوا زيارة الجزيرات ولا تكتفوا بواحدة فقط فلكل منها ميزاتها الجمالية الخاصة.
لابد من أخذ كاسكيت وكريم للحماية من الشمس فالشمس قوية جداً، بالإضافة إلى حذاء خاص بالمشي فالكثير من الاستكشافات تكون سراً على الأقدام
فندق هيلتون لابريز كبير جداً لذا يمكنكم استخدام الدراجات الهوائية، لكن يجب إعلام مركز النشاطات في الفندق، أو طلب العربات الخاصة للتنقل قبل عشر دقائق.