رحنا وشفنا

الأدرينالين على مسرح كورتيراد

“هل فعلاً سأقف على خشبة مسرح حقيقي أمام المئات وأؤدي مونولجي كاملاً، دون أن أتجمد هلع ؟ً” أعتقد أن ذات السؤال كان يدور في أذهان جميع الجالسين على الوسائد على ذات الخشبة في كورتيارد باي هاوس بالقوز.

أخذتنا المدربة في الحصة الأولى من دورة “مونولوج الصحراء” إلى غرفة التحكم خلف مدرجات المسرح، وبها عشرات الأزرار للتحكم بالمؤثرات البصرية والسمعية. منها تبدو خشبة المسرح ضئيلةً مثل ثقتي بنفسي حينها. “ستقفون هناك لتؤدوا مونولوجاتكم، لن تكونوا تحت رحمة الجمهور، فأنا من بإمكانها مساعدتكم وإظهاركم تحت أبهى إضاءة، أو قطع شريان المؤثرات عنكم”.

عدنا إلى وسائدنا على الخشبة، فأضافت: “خلال ثمانية أسابيع سأعلمكم كيف تلبسون الدور الذي تؤدونه تفصيلاً إلى قدراتكم ومظهركم وخلفياتكم العرقية بل وحتى لهجاتكم. لثلاث دقائق ستمتلكون المسرح، وسيقع الجمهور في حبكم، وسيمنع الأدرينالين الممزوج بالنشوة النوم عن أجفانكم بعد العرض بساعات”.

تتنوع دوافع الإنتساب إلى هذه الدورة، فأحدهم خبير تسويق يود أن يمتلك مهارات العرض اللازمة للحصول على الترقية التي يشتهيها، وآخر يرى أنه انطوائي ويود أن يطور مهارات الحديث والقدرة على تقليد الآخرين لإضحاكهم. وهناك من تؤمن منذ طفولتها أن مستقبلها أمام كاميرات السينما. وهنالك الكثيرون ممن هم حديثو الوصول إلى دبي ويبحثون عن هواية جديدة.

أما أنا فأبحث عن الأدرينالين الممزوج بالنشوة. مدة الحصة الواحدة ساعتان، كنا نقضي ربعها في تمارين الإحماء على المسرح حتى نعتاده، وتصبح الخشبة المهيبة ملعبنا.

تمزج التمارين بين اللهو الجسدي وسرعة البديهة. الأول لإخراجنا من أجواء المكتب الثقيلة، والثاني لتطوير قدرة الارتجال لدينا لتجاوز نسيان النصوص وعدم الإصابة بتجمد الهلع.

مع اقتراب موعد العرض الكبير، قمنا باختيار نصوص مونولوجاتنا. أشارت المدربة إلى أنها المرة الوحيدة التي يُتاح لنا فيها اختيار أدوارنا، حيث سيختارها لنا مُخرجٌ ثقيل الظل في حال قررنا مواصلة مشاويرنا الفنية. اختار معظمهم أداور شخصيات تشبههم أو يتمنون أن يكونوا مثلها. قررت إخراج رجل العصابات الأفرو أمريكي بداخلي، واخترت مونولج “كينغ كونغ ليس أفضل مني” لدنزيل واشنطن في فيلم يوم التدريب.

قبل العرض بأسبوعين قضيت ساعةً أزيل الشتائم من النص، واستبدلها بكلماتٍ أقل وقع على الجمهور. وقضيت ساعة أخرى مع المدربة التي جلست في غرفة التحكم فيما أتمرن على دخول المسرح والخروج منه بعد تأدية نصي عشرات المرات.

في اليوم الذي يسبق العرض قضينا نصف يومٍ في غرفةٍ نسمع عنها ولا نراها، غرفة الكواليس، وتدربنا على الصعود إلى المسرح تباع بشكلٍ سلس، وأدينا مونولوجاتنا التي تم تسجيلها للذكرى، أو إضافتها إلى السيرة الذاتية للراغبين بمواصلة المسيرة.

وقفت في الممر خلف الستار، استمع إلى مونولوج زميلي وساقي ترتعش. سمعت ألحان الراب التي اخترتها مقدمةً لعرضي فأزحت الستار ووطئت قدماي خشبة المسرح. الأنوار الساطعة حجبت الجمهور عن عيني فزال التوتر تماماً تمكنت فقط من رؤية غرفة التحكم والمدربة التي بها تعلّق مصيري المسرحي، فابتسمت لي لدقيقتين أديت نصي الذي حفظته عن ظهر قلب، وأرفقت به جميع الحركات التي تعلمتها من أفلام رجال العصابات السود. وكان الجمهور يضحك مع كل إيماءة أوجملةٍ غاضبة. هذا ليس ذنبي بل ذنب هوليوود التي لا يؤدي فيها العرب دور رجال العصابات. إيمنيم هو الوحيد ذو البشرة الفاتحة الذي خرق القاعدة.

اجتمع حولي الأصدقاء بعد العرض يلتقطون صور السيلفي. وجائني غرباء يهنئونني على أدائي. شعرت بأضواء الشهرة. ليلتها وددت أن أعود إلى خشبة المسرح، فالتوتر والخوف زالا، وتركا الساحة للأدرينالين الممزوج بالنشوة.

نصائح أوقات:

شاهد على يوتيوب أفراداً عاديين يؤدون نفس النص الذي اخترته لكي تكسر الرغبة في تقليد الممثل الأصلي حرفياً.

اقتن باقة التصوير بسعرٍ إضافي لتحصل على صور احترافية لك خلف الكواليس وعلى المسرح

اسعار التدريب في مسرح كورتيراد:

1800 درهم، تغطي الدروس  وساعة التدريب الفردي وجلسة التدريب الجماعي والعرض

مكان مسرح كورتيراد:

كورتيارد بلاي هاوس، القوز

www.courtyardplayhouse.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights